Advertise here

تصاعد الغليان الشعبي في العراق.. والأزمة السياسية تستفحل

24 كانون الثاني 2020 05:55:00 - آخر تحديث: 24 كانون الثاني 2020 20:41:38

تستمر الاحتجاجات الشعبية في العراق، وسط أجواء من التوتر والغليان الشعبي، نتيجة الصدامات المباشرة بين المتظاهرين وقوات الأمن في بغداد وعدد من المحافظات وسط البلاد وجنوبها. وقد جاءت هذه التحركات الجديدة على رغم انخفاض درجات الحرارة وموجة الأمطار الغزيرة، وبعد فترة من السماح نتيجة التطورات الأمنية الأخيرة، حيث قام المتظاهرون بقطع الطرق الرئيسية الرابطة بين المحافظات، إضافة إلى الطرق الحيوية والمهمة داخل كل محافظة، في حين استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع لإبعاد الحشود، ومنعها من قطع الطُرق السريعة.

ففي منطقة الدورة جنوبي بغداد تجدّدت عمليات الكر والفر بين عناصر الأمن والمتظاهرين، وانتشر عناصر الأمن في الأزقة والشوارع محاولين منع خروج المتظاهرين، حيث أسفرت المواجهات عن وقوع ما لا يقل عن 10 إصابات، وحالات اختناق بين صفوف المحتجين.

وتواصلت الاحتجاجات أيضاً في مدن جنوب البلاد، حيث توقف العمل في مؤسسات حكومية وتعليمية، وسط مطالبة شعبية بطبقةٍ سياسية جديدة بدلاً من المسؤولين الذين يحتكرون السلطة منذ ما يقارب 17 عاماً. وشهدت محافظة البصرة توتراً شديداً بعد قيام عناصر مسلحة مجهولة بإطلاق الرصاص الحي باتجاه المتظاهرين. وأسفر الهجوم، الذي غالباً ما تُتهم بمثله فصائل مسلحة موالية لإيران، عن مقتل المسعفة المعروفة في ساحة الاعتصام بالبصرة بأم جنات.

من جهته أدان السفير البريطاني في بغداد، ستيفن هيكي، استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين، معتبراً أنه لا يوجد ما يبرر استخدامها. وقال هيكي في تغريدةٍ عبر تويتر: "ندين قتل وجرح المزيد من المتظاهرين. ولا شك أنه على المحتجين المحافظة على سلميّتهم، لكن ليس هناك ما يبرر استخدام القوة المميتة المفرطة ضدهم، حيث قُتل حتى الآن أكثر من 600 متظاهر". وأضاف أن، "هناك حاجة ماسة إلى ضبط النفس وإجراء تحقيقات موثوقة، وكذلك الاستجابة العملية لمطالب المتظاهرين لتحقيق الإصلاح".

وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق قد كشفت عن حصيلة جديدة لضحايا ومعتقلي المظاهرات الأخيرة. وذكرت في بيان أنها وثّقت من خلال فِرقها أن، "حصيلة الصدامات في محافظة بغداد كانت 4 قتلى و85 مصاباً من المتظاهرين، واعتقال 36 منهم". كما وثّقت مقتل متظاهر وإصابة 3 في محافظة ديالى. وفي محافظة البصرة تسببت الصدامات بين المتظاهرين والقوات الأمنية بمقتل 3 متظاهرين وإصابة متظاهر واحد، و24 عنصراً من القوات الأمنية، واعتقال 22 متظاهراً. وفي محافظة ذي قار تسببت الصدامات في إصابة 8 متظاهرين. أما في محافظة كربلاء، فكانت الحصيلة مقتل اثنين من المتظاهرين، وإصابة 18، واعتقال 30 آخرين.

وشدّدت المفوضية على "ضمان حرية الرأي والتعبير والتظاهر السلمي"، ودعت، "الأطراف كافة إلى الابتعاد عن اللجوء إلى العنف والعنف المتبادل والتعاون فيما بينهم لحماية الممتلكات كافة، الخاصة والعامة، والتأكيد على فرز العناصر التي تقوم بحرف المظاهرات عن مسارها السلمي، ومطالبة الحكومة الاستجابة العاجلة لمطالب المتظاهرين السلميين".

وعلى الرغم من تأكيد تقارير المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق سقوط قتلى وجرحى في المواجهات، إضافةً إلى المشاهد المصورة التي وثّقت الكثير من تلك الحالات، فقد نفى الناطق العسكري باسم رئيس الوزراء، عبد الكريم خلف، ذلك واصفاً الاحتجاج خارج ساحات التظاهر بـ"الجريمة المشهودة".

وفيما يسود الأوساط الإعلامية جدل قانوني - سياسي حول معنى التظاهرات "السلمية" و"خرق السلمية"، نتيجة قطع الطرقات بالإطارات المشتعلة، يرى مراقبون أن الحكومة العراقية تستخدم مصطلح "خرق السلمية" كوسيلة لتبرير ما تقوم به قواتها من استخدام العنف لقمع الاحتجاجات، حيث من المرتقب أن تشهد الأيام القادمة تصعيداً جديداً من قِبل المتظاهرين، في الوقت الذي دعا فيه أنصار الحشد الشعبي، والقوى الحليفة لإيران، إلى تظاهرة ضخمة في بغداد للمطالبة بطرد القوات الأميركية من العراق من دون أن يتم تحديد مكان تلك التظاهرة، وسط مخاوف من أن تنظّم في ساحة التحرير، أو بالقرب منها، بهدف الاصطدام بالمحتجين المعتصمين في الساحة منذ مطلع تشرين الأول 2019.

من جهة أخرى، كشفت مصادر سياسية عراقية أن الحوار بين الرئيس العراقي برهم صالح وقادة الكتل سياسية ما زال جارياً بهدف التوصل إلى اتفاقٍ نهائي حول تكليف شخصية مستقلة لمنصب رئيس الحكومة، وأن التركيز يتجه نحو اختيار شخصٍ غير مستفز للشارع، ولديه دراية بالوضع الحكومي والسياسي العراقي.

وكانت القوى والأحزاب السياسية والكتل النيابية، قد عجزت عن الاتفاق على تسمية رئيس جديد للحكومة وفق المعايير التي وضعها المحتجون، خلفاً للرئيس المستقيل عادل عبد المهدي، رغم تقديم الرئيس برهم صالح استقالته إلى المجلس النيابي اعتراضاً على الضغوط التي سبق أن تلقاها من "كتلة الفتح" الموالية لإيران.