Advertise here

إحراق بيروت

23 كانون الثاني 2020 21:28:10

 ليلة الإعلان عن تأليف الحكومة برئاسة الرئيس حسان دياب، وتسمية العشرين وزيرا، في بيروت، مساء 21/1/2020 إشتدت العاصفة الإحتجاجية في وسط العاصمة وشوارعها المتفرعة عنه، حول ساحة النجمة، وأسيجة المجلس النيابي المستحدثة، من الأسلاك الشائكة والصفائح الحديدية، وأجراس الإنذار المكهربة.

وتضارب المحتجون والقوى المولجة بمواجهتم، بالحجارة المقتلعة من أعمدة بيروت، والهروات المكهربة وخراطيم المياه ومدافع القنابل المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي. 
وكان ثمن ذلك في ذلك المساء المتوج بتشكيل الحكومة، إصابة أكثر من أربعماية ضحية، بجروح من أعمال العنف، وقنص النور في أكثر من أربعين عينا. بالإضافة إلى حالات الإغماء، والشلل، التي تنادى لإسعافها المسعفون.

وقطعت الطرقات بالناس، في المدينة الرياضية، والرينغ، وكورنيش المزرعة، وسد نفق الروشة. ناهيك عن قطع الطرقات في سائر المدن اللبنانية، من الشمال إلى الجنوب، وفي الداخل والساحل والجبل. وكان كل ذلك ينذر بالشر المستطير.

وكانت الشاشات المتابعة لنقل آثار العاصفة الإحتجاجية على الأرض، منهمكة أيضا، بنقل توقيع المراسيم، وبإلتقاط بعض الصور للرؤساء الثلاثة: فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس نبيه بري، ودولة الرئيس المرسوم الدكتور حسان دياب.
 
ووقف رئيس الحكومة الجديد، يتلو خطاب العهدة، وكأنه وحده، في قاعة تدريس، بينما طلابه في الملعب، يطالبون بطرده من الجامعة.

عدل دولته ربطة عنقه الطويلة، مرات عدة، ولم يعدل مكتوبه. لا يزيد ولا ينقص، ولا يقفو ولا يحرف. ولا ينحرف. ولايلتفت، ولا يتلفت بإتجاه الملعب المحتشد بطلابه، ولا يعد، ولا يدعو ولايستدعي. لا يطن ولا يرن ولا يطمئن.  وكانه صب صبا.

وكانت النيران، تزداد إشتعالا. فلا يطرح الرئيس الجديد رؤيا ولا يعد بحل. وكان الناس ممّن أشفق على البلد ورثى لحاله، مثل رئيس الإشتراكي وليد جنبلاط، يطلبون له فرصة، وهو لا يطلب لنفسه فرصة.

بات الناس في بيروت، لا بل في لبنان من أقصاه إلى أقصاه، يسألون عن مهمة تكليف الرئيس حسان دياب، التي إستدعي إليها على عجل، وخلت له الطرقات، لا عن شخصه ولا عن إسمه ولا عن وسمه، ولا عن الجهة التي سمته وكلفته، بتمويه دقيق.

بات الناس في بيروت في شغل عنه، يسألون، عن عدد الليالي التي تلزم، بعد تأليف حكومة حسان دياب، لإحراق بيروت.

الوسط التجاري إحترق، ليلة أولى تأليف. وألسنة النيران إمتدت إلى أبواب الأسواق التجارية المقابلة، ليلة ثانية تأليف. فكم يحتاج إحراق الأسواق من الليالي الحكومية الجديدة.

ومتى يأتي دور الفنادق المتاخمة لمدافن السنطية التاريخية. وهل تنهض الأجداث بمعجزة، تدافع عن نفسها وتاريخها. متى يأتي دور مبنى السوق المعجزة ل"زها حديد"، ليشهد على موتها من جديد.

متى يأتي دور "ستاركو"، و"بيت الوسط"، وتتحرر بيروت من تاريخها الوسطي "الوسيط".

 كم ينتظر "مبنى النهار" من الليالي، حتى يبكي زجاجه بدموع من حبر أسود على جبران، ويغطي بمحبره ومخبره  "عسكر على مين" وساحة سمير قصير .

إحراق بيروت، لا يحتاج إلى ليال كثيرة، ولا إلى لهب كثير. ولا إلى أبي لهب. بل يحتاج كما أعتقد، إلى قرار كبير.

شاغلتني نفسي الليلة. شاغلني هم بيروت. شاغلني هم إحراق بيروت، أصنعه بعيني. أريد أن أذهب الليلة إلى الدكتور حسان دياب، لا بصفته رئيس حكومة، تحتاج بعد، لأخذ الثقة، لأني لا آمن على بيروت من إحراقها، حتى ذلك التاريخ الموعود. 

فقد أُحرق الرئيس رينيه معوض في يوم الإستقلال، إذ إتخذ القرار. وهاجس الناس، يا أخي د.حسان، لاحكومة من هنا أو من هناك. هاجس الناس يا أخي، بكل أسف:  

قرار إحراق بيروت. فهل إتخذ القرار، لا سمح الله. فمن "ينظر ير"، ما إذا إتخذ "قرار إحراق بيروت".

 

الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جريدة الأنباء التي لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه.