Advertise here

خيرُكُم مَن تعلَّمَ

21 كانون الثاني 2020 14:41:29

"عهد الترحّم الأبوي قد انقضى زمنه، والعامل لا يطالب اليوم بإحسان بل بالعدالة والإنصاف". 
هذا ما قاله المعلّم الشهيد كمال جنبلاط عام 1944 في طريقه نحو تأسيس حزب العمال والفلاحين، حزب الإنسان والمجتمع. 

منذ ذلك الحين لم يجد المؤسّس مخرجاً من الأوضاع السابقة إلّا عبر إعادة توزيع الثروة الاجتماعية التي تمنح العمال فرصة التقدم والتملّك، حيث يندثر التفاوت القائم، ويوطَّد مبدأ التكافؤ الاقتصادي بعد تأمين المساواة في الحقوق السياسية والمدنية.

عام 1944 لم تكترث السلطة إلى هذه الطروحات بسبب وجود الانتداب، الذي عمل على تعزيز هيمنة المصالح الطائفية على المصلحة العامة. ولم تكن نتيجة هذه الممارسة إلّا التضخّم في دوائر الدولة تبعاً للتبذير وتفشي المحسوبية والرشوة، بالإضافة إلى سعي الرعيل الأول إلى توفير أكبر عددٍ ممكن من الامتيازات. وبالتالي لم تقتصر الأزمة فقط على التعثّر الاقتصادي بقدر ما هي "أزمة حكم"، كما عبّر عنها بدقة متناهية المعلم الشهيد. هو، هذا العميق والرصين، لم يقف عند هذا الحد من المساءلة، بل ذهب أكثر عام 1945 في مطالبة المجلس النيابي، والرئيس خوري، باتّخاذ تدابير عاجلة للخروج بالبلاد من المأزق. 
كما أشار إلى مصادر الفوضى التي تجسّدت في عدم صلاح قانون الانتخاب المعمول به، وعدم التقيّد بمبدأ تعدّد السلطات وتوازنها. فكتب في تلك الرسالة: "إن الأزمة التي نعيشها والشعب اللبناني، في الواقع، هي أزمة نظام وأزمة حكم. ومن الضرورة أن يُعمد إلى تعديل جوهري في دستور البلاد وأنظمتها، وذلك وفقاً لرغبات الشعب، ولمقتضيات الزمن والتاريخ اللبناني". 

وبالرغم من كل ذلك لم يسمع "بشارة"، أو "سليم"، النداء الأخير إلى أن سمعا عام 1951 هتافات الشعب المطالِب بإسقاطهم.

فما أقرب اليوم إلى 51،‍‍ وما أرعن الفساد والوصولية التي لم يتعلّم أتباعها منذ زمن بعيد. "أتى بكم الأجنبي، وسيذهب بكم الشعب".

الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جريدة الأنباء التي لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه.