Advertise here

مئة يوم على الثورة

21 كانون الثاني 2020 08:03:10

مئوية الثورة تقترب؛ يعني أن الثوار اللبنانيين - وكم هي تسمية ثوار جميلة - يصلون الى المئة يوم في الشارع تحصيلًا لحقوقهم وليس مطالبهم.

هذا يعني أن مجموعة من الناس قررت أن تخرج على القانون السائد وتطالب بحقوقها  المغتصبة من قبل الحكام. 

-تطالب باجتثاث الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة.

-تطالب بأموال الشعب المنهوبة من قبل حكامه طيلة السنين الماضية.

- تطالب بحق المواطن اللبناني في ضمان التعليم والطبابة والشيخوخة. 

- تطالب بالماء والكهرباء والبيئة النظيفة والعدالة الضريبية. 

- تطالب بحق العيش الكريم في دولة القانون والمؤسسات. 

ولا تنتهي حقوق الشعب اللبناني المسلوبة على مر السنين، حتى أصبح المواطن اليوم يترحم على أيام الانتداب الفرنسي الذي ورغم مآسيه لكن كانت هناك دولةمنتدبة تضمن أبسط الحقوق.

من المؤكد أننا لسنا هنا في مجال مناقشة الحقوق المتوجبة لنا كشعب لبناني يعاني الأمرّين من فساد السلطة الحاكمة. لكننا نسمح لأنفسنا وبعد مئة يوم من الثورة ان نقرأ نتائجها بإيجابياتها وسلبياتها.

من إيجابياتها إسقاط الحكومة وتعطيل جلسات المجلس النيابي بطريقة سلمية حضارية راقية.

- من إيجابياتها أنها سرعت الوعي عند الناس وأصبحوا يعرفون جيدًا حقوقهم المسلوبة من حكامهم.

- استحوذت الثورة على تأييد الرأي العام الداخلي والخارجي وبدأت تأخذ المثال الأرقى لجميع الثورات المشابهة.

فما الذي حدث حتى انقلبت هذه الثورة الرائدة الجميلة بشعاراتها وممارساتها إلى تصرفات غير مسؤولة تكاد توقعنا في المحظور.

هنا لا بد من مناقشة متأنية لما حصل وإلى أين ممكن ان نصل.

لقد وضعت الثورة فيتو على مشاركة الأحزاب في نضالها التغييري وطرحت شعارات شمولية (كلن يعني كلن) ولم يكن لها أهداف محددة؛ كالتي لخصها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في أول يوم للثورة:

1- استقالة الحكومة 
2- تشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة برنامجها الوضع الاقتصادي وقانون انتخابات لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي 
3- حل مجلس النواب وانتخابات لفرز طبقة سياسية جديدة.

المؤسف ان الثورة أبعدت من يحمل مطالبها ومعاناتها عن المشاركة في نضالاتها حتى وجدت نفسها وبعد مئة يوم  ضحية شعاراتها الواسعة الفضفاضة؛ وأصبحت مطية لبعض الحاقدين الذين ركبوا حملتها لتنفيذ أجنداتهم الخاصة التي لا تخدم الوطن. 

لا أجد تفسيرًا للحالة العنفية التي سيطرت في الفترة الماضية إن كان في شارع الحمراء او امام المجلس النيابي الا نجاح الطابور الخامس المرتبط بأعدائها في حرفها عن مسارها وتوريطها في تصرفات أبعدت الكثيرين عنها؛ وهنا الخوف الأساسي عليها لأنها عندما تضعف جماهريتها تكون بداية نهايتها. 

المطلوب اليوم من أملنا في التغيير؛ من الثوار الحقيقيين الذي وصفهم كمال جنبلاط يوما بأنهم الذين ليس على صدورهم قميص؛ اعادة قراءة وتقييم ومراجعة حسابات التي ربما سقطت سهوا في خضم عجلتهم للتغيير؛ والوعي الى ان المصاعب كثيرة والأعداء كثر فليقرأوا تاريخ الثورات ولا عيب أبداً أذا أخذوا بعض الدروس والعبر.

*عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الإشتراكي