Advertise here

الزواج أم العزوبية

20 كانون الثاني 2020 18:05:00 - آخر تحديث: 20 كانون الثاني 2020 23:11:25

إنّ الإرتباط والزواج من الناحية النفسية هما حاجتان وجدانيتان لدى جميع الناس، وهما أيضاً أحد القرارات المصيريّة التي تواجه الفرد، ولهذا السبب فإتخاذ قرار الإرتباط لمدى الحياة من الأمور الصعبة والحاسمة، حيث يتردّد أمامه بعض الأشخاص، كما أنّ متطلّبات الحياة العصرية والتوقّعات المُسبقة والتخطيط لمسار الحياة، كلّها أمور تصعّب إمكانية إيجاد الشخص المناسب الذي نتناغم مع أفكاره وتوجهاته، وأحياناً يكون هناك أسباب إجتماعية وأسرية وإقتصادية تحول دون إمكانية الإرتباط، لهذا السبب يفضّل البعض حياة العزوبية لأنها تحمل مسؤوليات وضغوطات نفسية أقل، وفي بعض الحالات يكون الخوف من فكرة الإرتباط العاطفي نفسه سبباً للتمسّك بالعزوبية، وهذا الخوف عادة يكون أسبابه نفسية تتمحور حول قلق الإنفصال أو عدم الثقة بالآخر ورُهاب الهجر أو نقص في القدرة على الإتصال والتعبير العاطفي، وكلّها عوامل نفسية تتعلّق بطبيعة الشخصية.

إنما إتخاذ قرار عدم الإرتباط ليس أيضاً بالقرار السهل خاصة بالنسبة للمرأة، حيث أن المرأة لديها حاجات نفسية وعاطفية كالإستقرار والأمان والأمومة، وهذه الحاجات تدفع بها إلى الزواج حتى لو لم تكن مقتنعة تماماً بالشخص، فهي قد تتّخذ قرار الإرتباط بالرغم من وجود عدم التناسب فقط كي لا تبقى وحيدة أو خوفاً من خسارة فرصة تكوين عائلة، وهذا من الأمور المهمة جداً بالنسبة للمرأة بشكل خاص، بينما قد لا يُعاني الرجل من هذه الحاجات، لذا فقرار البقاء عزباء يحتاج إلى قدر كبير من الإستقلالية النفسية والإجتماعية وأيضاً الإكتفاء الذاتي والعاطفي والعمَلي كما القدرة على التحرّر من الضغوط الإجتماعية.

في بعض الحالات تعاني العازبات، كما العازبون؛ من الشعور بالنقص خاصة مع عدم وجود عائلة داعمة أو أصدقاء، وأيضاً لعدم ممارسة عمل مُفيد هي من العوامل التي تفاقم من التأزم النفسي لوضعية العزوبية، فالعمل يُعطي معنى للحياة ويُضفي عليها هدف وقيمة، فعند الإفتقار لهذه الأمور فإنّ الفراغ والنقص حتماً سيظهر في حالة العزوبية حيث تكون الحاجة العاطفية غير مُشبعة والحاجات الإجتماعية والمهنية أيضاً غير مُشبعة فيتولّد الشعور بالإحباط، ويصبح لا بدّ من البحث عن تعويضات أخرى، وإن لم تتوافر هذه التعويضات فقد تظهر العدوانية والغضب.

هناك تداعيات نفسية كثيرة لحالة العزوبية خاصة بسبب الضغوط البيئية والنظرة الإجتماعية تجاه الموضوع، فيشعر العازب أو العازبة بأنه قد خسر فرصة مهمة وأحياناً يُصاب برهبة الشعور بالوحدة والفراغ النفسي، فيسعى لملأ حياته بالعمل والأصدقاء والنشاطات، وقد ينتاب بعض الأشخاص الشعور بالندم تجاه قرار عدم الزواج فيشعر بأنه أخطأ وتصبح حياة الحرية وعدم الإلتزام عبئاً على الفرد وتتحوّل إلى إحساس بالوحدة القاتلة والخوف من المستقبل، وإت لم يُصَب الفرد بتلك التداعيات على الصعيد النفسي فقد يُعاني من ضغط البيئة الذي قد يجعل الفرد يتساءل هل أخطأ في قراره.

الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جريدة الأنباء التي لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه.