Advertise here

عندما تدق ساعة الحقيقة

19 كانون الثاني 2020 18:20:43

 إن الخسائر في الحروب ليست الشواذ، إنما هي القاعدة. غير أن اعتقاد قادة الحرب أن الضربات ستنحصر دائماً بالأطراف، أو بمكانٍ بعيدٍ عن القيادة، وأن الخسائر هي دائماً خاضعة لقانون المساومة، أو تحت سقف السيطرة، يجعلهم غير آبهين للنتائج، ولا ينكفئون عن التصعيد.
لكن الوضع اليوم مختلف، فالأكيد أننا أمام مفترق، وتجاهل خطورة الوضع الراهن قد يضعنا في عين العاصفة، عن قصد أم جهل، فالأمر سيّان انطلاقاً من معرفة قدرات الخصم غير المحدودة، معطوفاً عليه وجود القرار بإمكانية تجاوز الخطوط الحمراء.

لم يبقَ لنا من خيارات، لأن أهون الشرور عودة البلاد إلى رشدها، والتواضع بالعزوف عن حملات ودعوات التصعيد الدائم والأحلام، كي لا نقول الهذرمات المستحيلة، والتي بلغت حدود التهريج الذي يتقنه أحد الوزراء - السوبر، والتي باتت بحدود الدعوات الصريحة للانتحار. فلا أوضاع البلد الاقتصادية تسمح، ولا مجرد إمكانية خسارة بشرية، قيادات أو أناس عاديين، يحتملها الوضع السياسي راهناً، وهو المأزوم أصلاً.

فالبلد، والشعب المرهق، يستحقان العبور إلى دولة التواضع، إلى دولة الصدق، إلى دولة الكفاية والعدل، والتي ينادي بها ثوّار لبنان. وليس بالكثير الحَجْرَ على تلك الأبواق، دعاة التصعيد الدائم، عن جهلٍ للنتائج أو عن معرفة، ولكن تبقى تجارة الحروب شغلهم الأساسي، ومدخولهم الإضافي.

وفيما لو كان هناك متسع للنصح، رأفةً بالبلاد والعباد نقول، أوقِفوا هذه المهزلة. فلا طائل من التصعيد، والحرب تجاوزت المقاسات الاستعراضية. فليصمت الواهمون، وليَعْقل الفاهمون.

ودعوا الناس ترتاح، سواءً بتحييد لبنان، أو بإبعاد الرؤوس الحامية - المريضة، وهو الحل الأفضل؛ وكذلك عقلنة الحكم في لبنان، قبل أن تدق ساعة الحقيقة، وندخل زمن فوات الأوان.

الآراء الواردة في هذه الصفحة لا تعبّر بالضرورة عن رأي جريدة الأنباء التي لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه.