Advertise here

معاناة بلديات لبنان

16 كانون الثاني 2020 12:05:00 - آخر تحديث: 18 كانون الثاني 2020 13:12:07

تعتبر وزارة الأشغال العامة والنقل في لبنان من أهم الوزارات على الإطلاق، وقد حدد القانون رقم 2872/1959 وما تلاه من تعديلات صلاحيات هذه الوزارة، وأنيط بمهامها بشكل رئيسي كل ما يتعلق بالطرق العامة البرية من حيث الإنشاء والصيانة والتعبيد وتأمين السلامة العامة على هذه الطرق، وهي مسؤولة عن التنظيم المدني، وتشرف بشكل مباشر على النقل البري والبحري والجوي برمته، بما في ذلك المطارات والموانئ، كما أنها مسؤولة عن الأملاك المشاطئة للبحر، وهي أملاك عمومية بموجب القانون، بمعنى أنه لا أملاك خاصة تصل الى مياه البحر نهائيا، ولكن بواقع الحال لم يعد هناك أملاك مشرعة أمام العموم مقابل البحر، ومعظمها يستثمرها او يستولي عليها ـ بعض النافذين مقابل مبالغ زهيدة.

المشاكل المتتالية التي ظهرت الى العلن إبان سقوط الأمطار الغزيرة، ومنها قطع طرقات رئيسية عدة بسبب تجمع المياه عليها، كما الفيضانات التي طالت عددا من الأنهر ودخلت المياه الى المنازل السكنية واستباحت المزروعات، وكذلك الحوادث المميتة التي أصابت المواطنين بسبب الحفر على الطرقات، كل ذلك أثار موجة من الامتعاض لدى اللبنانيين، ودفع بعدد من رؤوساء البلديات الذين أصابهم اللوم بسبب ما جرى الى الحديث عن الاختلال الهائل في أداء هذه الوزارة.

يعبر عدد كبير من رؤساء البلديات عن اعتراضهم على سير عمل وزارة الأشغال، ويقول كثيرون منهم عايشوا مراحل سابقة، أن الخلل وعدم التوازن الذي يصيب الوزارة اليوم لم يسبق أن حصل بذات المستوى من التردي سابقا. ومن أهم ما كشف عنه هؤلاء:

أولا: تغيير نمطية العمل في وزارة الأشغال بشكل جذري، لناحية إهمال الطلبات والكشوفات التي تتقدم بها البلديات، والتي تطول ملفات ملحة لإصلاح طرق أو مجاري ضرورية في نطاقهم، بينما يتم إعطاء أولوية لطلبات لها خلفيات تنفيعية، وتتعلق بتزفيت طرقات خاصة، او بالقيام بأشغال غير ضرورية هدفها تقديم خدمات فئوية او شخصية، او لأسباب ربما تقف وراءها مصالح مالية، وهذا ما أعلن عنه ايضا ناشطون في الثورة أثناء مواجهتهم المباشرة مع الوزير.

ويعطي هؤلاء مثال عن هذه الاختلالات ما حصل قبل الانتخابات النيابية في مايو 2018، حيث تم توزيع الزفت على جهات حزبية مؤيدة وعلى مرشحين معينين بهدف تقديم رشوات انتخابية للمقترعين، وقبل ايام معدودة من موعد الانتخابات، بينما هناك طرقات مقطوعة، وطلبات اشغال ملحة في بعض المناطق والبلدات لم يتم إصلاحها حتى اليوم.

ثانيا، ودائما وفقا لما يقوله رؤساء البلديات ذاتهم: تطلب جهات رسمية من البلديات تنظيف المجاري والأقنية لتصريف مياه الأمطار، بينما الوزارة المعنية بهذا الشأن تكاد تكون غائبة عن واجباتها بالكامل، وهي تكتفي بإصدار البيانات الإعلامية التي تدافع فيها عن فشلها، وترمي المسؤولية على جهات أخرى. ويتابع هؤلاء: آخر فصول التجاوزات في هذه الوزارة المهمة، ما يتعلق بجداول العمال الموسميين الذين يقومون بمهمة جرف الثلوج عن الطرقات الجبلية، فأغلبية الأسماء المدرجة على هذه الجداول يقبضون تعويضات مالية على خلفيات حزبية وطائفية، والبعض منهم لا يحضر الى مكان العمل نهائيا، بينما يحرم مستحقين يقومون بواجباتهم من قبض هذه التعويضات.

وهناك عشرات المخالفات الأخرى التي لا يتسع الحديث عنها في هذه المقالة، وليس أقلها إخفاق هذه الوزارة في تخفيف عجقة السير وتسيير وسائل نقل عام يساعد المواطنين في الوصول الى أعمالهم، ولبنان يكاد يكون البلد الوحيد الذي لا يوجد فيه نقل عام فاعل.