Advertise here

مارسيل خليفة يكتب لنبيل أبو شقرا... تعلّم الوفاء للجذور

13 كانون الثاني 2020 15:15:13

على المدينة يطّل من ساحاتها مواطنٌ زائرٌ مهاجرْ يتسكّع بين شوارعها باحثاً عن واجهاتها كي يغسل العينين بماء جمالها تستدرجه المكتبات إلى داخلها كجائع شَرِهْ إلى وجبة الروح. ينتعل القدمان الطريق إلى التفاصيل وتهاجران في ممرات ضيقّة نحو المدى. كان يعرف من أي طريق تمرّ الطريق. ينأى ويدنو كنجم تكبدّ سماء الليل وشعّ وعند البدر تشحّب وائتفَلْ في مفكرته مواعيد كثيرة لَمْ يفِها. كان بودّه ان يكرِّم في المنتدى الثقافي كل مبدع. يقضي من الوقت في تصفّح أخبار البلد والحياة والأصدقاء ويسأل الجميع: إن كان ما زال يليق بالصداقة وبالحب والحياة. وكان له ما يقول لوساوسنا كي لا تهبط الروح إلى تحت من قمم أعلى من شجرات سامقة ولا يعبث بحبّات المسبحة. كان يتمثل بالتواضع وفي مداه متسّع لترويض الكآبة ممّا ألّم بها من سحاب داكن وتربية التفاؤل على الحكمة. تعلّم الوفاء للجذور وانتبه الى وطأة الميراث وعصى أمر الجماعة المأثورة بتعاليم الشريعة. ليس لنا يا صديقي سوى الحنين. أتذكر كيف كنّا نقلب في الرأس الأحداث كما نقلب الجمر في المجمرة لينبعث الدفء في ليالي السمر.

 

نجرّب أن نتداول ما انصرم:

الصباح في الطريق إلى المدرسة

حضن الأم على سرير الخرافة

قبلة نطبعها على كف جداتنا لترضى عنا السماء

ملعب الحنين

بيروت

القبلة الاولى التي فجرّت الينابيع

أهلنا في الأقاصي يفرشون سجّاد المسير إلى قلوبهم

كان لنا، ممّا اهدونا فائض من الحب

ولكن، في القلب حسرة لأن الشوك كثير والورد قليل

 

وداعاً نبيل أبو شقرا

 

بقلم مارسيل خليفة