Advertise here

إيران والانتخابات الأميركية

09 كانون الثاني 2020 08:27:41

بمعزل عن الموقف من التحليلات التي رافقت تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، الذي شمل اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني قرب مطار بغداد، ثم رد طهران بقصف قواعد أمريكية عسكرية في العراق، هل يمكن القول إنه بدأ التصعيد ضمن خطة أمريكية قصد الرئيس دونالد ترامب منها إحراج خصومه من الديمقراطيين في أوج الوقت المخصص للتحضير للانتخابات الرئاسية القادمة، وبالتالي محاصرتهم أيضاً في إجراءات العزل التي بدأها الكونجرس، أم أن هذا التصعيد ناتج عن خطة إيرانية لاستدراج توتر مع واشنطن يمهد لطردها من العراق، وتستثمره القيادة الإيرانية أيضاً في تحدياتها الداخلية، وربما تكون طهران قصدت من التوتر المساعدة في قطع الطريق على إعادة انتخاب ترامب لولاية جديدة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. بين هذه المقاربة وتلك لا يمكن التقليل من خطورة ما يجري وتأثيراته في الانتخابات الأمريكية المقبلة.

استهداف السفارات الأمريكية في الخارج كان على الدوام أداة تأثير في الانتخابات الرئاسية الأمريكية من قبل خصوم الرئيس الخارجيين عندما كان يسعى إلى الفوز بولاية ثانية. يمكن إدراج أمثلة عديدة على تأثير استهداف السفارات لدى الرئيس أو المرشح، ومنها أزمة محاصرة 52 دبلوماسياً في السفارة في طهران عام 1979، التي استمرَّت 444 يوماً، وكانت أحد أسباب عدول الرئيس جيمي كارتر عن الترشُح لولاية ثانية، وما حصل عام 1973 عندما اغتيل السفير الأمريكي في الخرطوم كليو نوئيل على يد مجموعة غاضبة من الفلسطينيين، ما ساهم في تقريب موعد استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون في 9 أغسطس/ آب 1974، رغم أن سبب الاستقالة المباشر كان اكتشاف تغطيته فضيحة ووترجيت الشهيرة. وفي مثال آخر، يمكن إدراج التأثيرات السلبية التي أصابت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية إبان المنافسة على الرئاسة مع ترامب الذي عيرها بالإهمال خلال الحملة الانتخابية، بسبب مقتل السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيغنر أيام توليها الخارجية، وذلك بعد أن هاجم محتجون مقر السفارة في مدينة بنغازي عام 2012.

بعض المعلومات أشارت إلى أن الرئيس ترامب كان يخاف من مقتل السفير الأمريكي في بغداد، أو خطفه على يد المتظاهرين الموالين لإيران الذين هاجموا السفارة بعنف مساء ليلة رأس السنة، وسيكون للحدث تأثير سلبي حاسم في نتائج الانتخابات التي يتحضّر ترامب لخوضها في الخريف المقبل. وهو بالتالي أقدم على اتخاذ خطوات عسكرية جذرية، تُبعد المقصلة الانتخابية عن عنقه، وربما كان يهدف أيضاً للاستفادة من الضربات الموجهة لإيران ومؤيديها من قوات الحشد الشعبي لتعزيز مكانته الانتخابية في الداخل الأمريكي.

مما لا شك فيه أن مستوى التوتر بلغ حدوداً واسعة بين البلدين، وانعكس قلقاً على المنطقة برمتها.

إن تجربة الولايات المتحدة منذ العام 2003 ودعمها غير المحدود لـ«إسرائيل» لا سيما في قرارها الجائر بالاعتراف بالقدس الشرقية العربية عاصمة لها، وكذلك بالاعتراف بضمّ الجولان السورية المخالف لكل قواعد القانون الدولي، أضرا بسمعة أمريكا ومواقفها.

أما إيران فقد أقفلت العديد من منافذ التعاون مع دول المنطقة، وفضَّلت تطبيق سياسة التمدّد في المنطقة وأضرَّت بمصالح الكثيرين. ولا شك أن طريقة التعامل من قبلها مع الملفات الحساسة مثل القضية الفلسطينية، وملف الاستقرار في اليمن وفي العرق وفي سوريا وفي لبنان أدت إلى خلافات وصراعات ماثلة أمامنا