Advertise here

محور النهاية العملية لحدود سايكس - بيكو؟

08 كانون الثاني 2020 11:48:00 - آخر تحديث: 15 أيلول 2020 12:41:48

لبنان لم يكن خارج "محور المقاومة" الذي تقوده إيران. لا بسياسته الخارجية في السنوات الأخيرة، إلى جانب مواقف معلنة لقوى وأحزاب في السلطة ضد أميركا ودول عربية صديقة. ولا بذهاب حزب الله إلى حرب سوريا، وسط سياسة "النأي بالنفس" في البيانات الوزارية للحكومات التي هو الشريك الأقوى فيها. لكن حسابات الواقع السياسي والطائفي المعقد والحاجة منذ ولادة لبنان الكبير الذي نحتفل بمئويته هذا العام، إلى العرب والغرب أبقت على نوع من المسافة بين لبنان التقليدي ولبنان المتغير ديموغرافيًا وسياسيًا. مسافة كانت كافية لما سماه ميشال شيحا "الغموض البناء" و"سوء التفاهم المتفق عليه"، بحيث بقيت مظلة الشرعية الدولية فوق الشرعية اللبنانية.

اليوم ضاقت المسافة كثيرًا. فما كان مكشوفًا لكنه مغطى جزئيًا بشيء من الحيلة، أعاد تأكيده اغتيال الجنرال قاسم سليماني على يد أميركا في بغداد بعد رحلة قادته إلى بيروت ودمشق: المنطقة، ولبنان جزء منها، ساحة مفتوحة لمعركة سمتها إيران معركة "إخراج القوات الأميركية من غرب آسيا". والكل كان ينتظر ما سيقوله السيد حسن نصرالله، لا ما يقوله أي مسؤول في السلطة. وهو اعتبر يوم اغتيال سليماني خطاً فاصلاً بين "مرحلة انتهت ومرحلة جديدة وتاريخ جديد". مرحلة "إعادة القوات الأميركية أفقياً بعدما جاءت عموديَا" أي بالنعوش. وهي "فرصة للتحرر من الهيمنة والإحتلال".

كيف؟ تلك هي المسألة. بماذا؟ بكل القوى المنخرطة في "محور المقاومة". وهو عملياً محور مشروع أقليمي أكبر من النفوذ الإيراني الذي تحاربه أميركا. وليس قائد فيلق القدس سوى القائد العسكري العام لهذا المحور والرجل الذي عمل مباشرةً على إنشاء أسُسه عبر وكلاء إيران. ومن الطبيعي أن يصفه نصرالله بأنه "ليس شهيد إيران فقط بل ايضاً شهيد العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين وأفغانستان".

والترجمة العملية لذلك هي أن "محور المقاومة" فعل بإشراف سليماني، ما لم يفعل العرب. لا في مواجهة إسرائيل بل في توحيد الأمة. فالمعركة المفتوحة "لإنتصار المحور وهزيمة أميركا" وبالتالي "إسرائيل من دون حرب" هي تعبير عن إزالة حدود سايكس - بيكو عملياً بين العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وإن بقيت رسمياً. والكل ضمن المشروع الإيراني.

لكن رأس الحكمة هو الإمتناع عن التصرف كأنك اللاعب الوحيد في اللعبة. فلا قوة دولية تقبل سيطرة قوة إقليمية على المنطقة ومواردها. وسواء قاتلت أميركا من أجل مصالحها أو قررت الإنسحاب، فإن العالم العربي ليس صحراء بلا سكان ضد هيمنة مذهب واحد. وأخطر ما يواجه لبنان أن يذهب إلى معركة مع من يحتاج إلى مساعداتهم، وهو في أسوأ أزمة نقدية ومالية وإقتصادية وإجتماعية وسياسية ووطنية.