Advertise here

واشنطن وطهران في سباق بين الاحتواء والانفجار

08 كانون الثاني 2020 05:10:00 - آخر تحديث: 08 كانون الثاني 2020 09:37:43

تسارعت التطورات على الساحة العراقية بعد مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وشكل قرار مجلس النواب العراقي الطلب من الحكومة إنهاء وجود قوات التحالف الدولي وأي قوات أجنبية في البلاد، نقطة انقسام جديدة في الساحة العراقية، فضلاً عن التهديدات عالية النبرة المتبادلة بين واشنطن وطهران، والتي بدت معها المنطقة وكأنها تقف على أبواب حرب إقليمية شاملة.
 
وقد عزز من تصاعد وتيرة هذا القلق، التدابير الاحترازية التي اتخذتها الدول الأوروبية المشاركة في قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب، إذ أعلن الجيش الألماني سحب جزء من الجنود الألمان المنتشرين في العراق لمهمات تدريب، وتخفيض عدد العاملين في الكتيبة الألمانية المنتشرين في بغداد وفي التاجي شمال العاصمة "بشكل مؤقت"، وسينقل العسكريون المعنيون إلى الكويت المجاورة والأردن، وفق ما نقل عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية، فيما أعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن بلاده "تراجع تدابير الحماية للقوات البريطانية في العراق ودول المنطقة". وفي خطوة دالة أيضاً، أعلنت شركة مصر للطيران عن تعليق رحلاتها إلى بغداد خلال الأسبوعين الحالي والمقبل بسبب الأوضاع هناك.
 
في السياق عينه أعلن المتحدث باسم الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي، أن الرئيس أمر القوات المسلحة بتجهيز الأصول الجوية والبحرية لإجلاء الفلبينيين من العراق وإيران والدول العربية المجاورة. وعبّر عن قلقه الشديد من احتمال نشوب "حرب طويلة" عقب مقتل سليماني.
 
وفيما حمَّلت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، مسؤولية التصعيد والتوتر وزعزعة الاستقرار في المنطقة إلى إيران، أعلن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، وقبيل انتقاله الى بروكسل لإجراء محادثات مع نظرائه الأوروبيين بشأن الوضع في الشرق الأوسط بعد مقتل سليماني وكذلك تصاعد النزاع في ليبيا، أنه ووزيري خارجية ألمانيا وفرنسا سوف يجتمعون لمناقشة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، "إذ يسعى جميعهم إلى منع التصعيد"، و"ستشمل المحادثات أيضاً الاتفاق النووي بعد أحدث إعلان من جانب إيران بتقليص المزيد من الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق"، وأضاف "مبعث قلقنا هو أنه لو اندلعت حرب فستكون مدمّرة للغاية والمنتصر الوحيد بها سيكون الإرهابيون خاصة داعش".
 
إلى ذلك، يقوم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بزيارة خاصة إلى دول الخليج العربي الأسبوع المقبل، من 12 إلى 15 كانون الثاني، حيث يزور السعودية وعمان والإمارات العربية المتحدة، آملاً أن يسهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة عبر الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى تهدئة التوتر، مع الإشارة الى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني كان قد زار اليابان الأسبوع الفائت قبل أيام من اغتيال سليماني، وتعتبر طوكيو واحدة من الدول العاملة على خط نقل الرسائل المتبادلة بين واشنطن وطهران.
 
وعلى خط مساعي التهدئة، أيضاً ذكرت وكالة الجمهورية الإيرانية أن وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي قال في إيران إن الولايات المتحدة تريد تهدئة التوتر في المنطقة، وكتبت وزارة الخارجية الإيرانية على تويتر أن بن علوي، الموجود في طهران للمشاركة في مؤتمر، قدم تعازيه في قاسم سليماني.
 
في هذا الوقت وبعد ان أنهت طهران مراسم تشييع سليماني ومن قضى معه على طريق مطار بغداد، نقلت محطة (سي أن أن) الإخبارية عن مسؤولين عسكريين أميركيين، أن إيران قد حركت صواريخ بالستية وطائرات مسيرة خلال الساعات الماضية "استعداداً لرد عسكري محتمل"، وأضافت المحطة أن "واشنطن تتحسب لهجمات محتملة على قواعدها العسكرية في السعودية والأردن والعراق والكويت، وقد رفعت حالة التأهب في صفوف مقاتليها الى الدرجة القصوى".
 
وكشف الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أن "ردنا على اغتيال سليماني سيكون موجها نحو القوات الأمريكية في المنطقة لإخراجها من هنا"، وإن "لدى إيران 13 سيناريو للرد، ولن يكون عبر توجيه ضربة واحدة محددة". وقال: "إذا أرادت واشنطن الإبقاء على قواعدها في المنطقة سنضرب القوات والقواعد معا". وقال شمخاني إن "هناك 19 قاعدة أميركية من بينها 11 مركزا للقيادة في المنطقة، لا تبعد كثيرا عن حدودنا الشرقية والغربية، بالإضافة إلى 8 قواعد أميركية شمال وجنوب إيران"، وأضاف أن "إيران لديها معلومات بأن الأمريكيين خفضوا من جولاتهم في المنطقة، وهم يتمركزون حاليا في قواعدهم".

وكرر شمخاني في تصريحه ما قاله أمين عام حزب الله خلال تأبينه لسليماني في الضاحية الجنوبية لبيروت، "إذا لم تخرج أمريكا قواتها عاموديا من المنطقة، فسنضطر لإخراج جثثهم أفقيا".

بدوره، أكد قائد قوات الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، خلال مراسم تشييع سليماني في كرمان: "سندمر المكان الذي تحبه أميركا وتدافع عنه وهي تدرك ما نعني"، مضيفا أنه "لا مكان آمنا للأميركيين على الأرض". أما قائد فيلق القدس الجديد في الحرس الثوري، إسماعيل قاآني، فقد تعهد بـ"القتال" حتى يتم إخراج الولايات المتحدة نهائيا من المنطقة".

وكالة مخابرات الدفاع الأميركية، كانت قد نشرت في كانون الأول الفائت، تقريراً استخباراتياً يشير إلى أن إيران، "تعتمد على 3 قدرات عسكرية رئيسية، وهي: برنامج الصواريخ البالستية، والقوات البحريةالتي يمكن أن تهدد الملاحة في منطقة الخليج المنتجة للنفط، ووكلائها من الجماعات المسلحة في دول مثل سوريا والعراق ولبنان، وتقول إيران إنها تمتلك صواريخ موجهة شديدة الدقة وصواريخ كروز وطائرات مسيّرة قادرة على ضرب القواعد العسكرية الأميركية في الخليج، والوصول إلى إسرائيل، ويمكن لطهران أو وكلائها مهاجمة ناقلات النفط في الخليج والبحر الأحمر، وممرات الملاحة، سواء النفطية أو غير النفطية، التي تربط المحيط الهندي بالبحر المتوسط ??عبر قناة السويس.
ويمكن لطهران استخدام الصواريخ والطائرات المسيرة والألغام والزوارق السريعة في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها، لكن إغلاق مضيق هرمز يمثل تجاوزاً لخط أحمر، سيدفع بالعديد من الدول للوقوف خلف واشنطن لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة فتحه".

مما لا شك فيه أن الخطر سوف يكون محدقاً بالقوات الأميركية في الشرق الأوسط، كما هو حال شعوب المنطقة التي يتقاتل الجميع على أرضها، فإيران تعتمد بشكل أساسي على خطط غير تقليدية، وعلى وكلائها، في مواجهة الأسلحة الأميركية الأكثر تطوراً. وقد مررت العديد من تلك الأسلحة والخبرات الفنية إلى حلفائها، لكن ذلك سيزيد من اندفاع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتحقيق وعوده الانتخابية وتهديداته العسكرية، والتي أشار اليها في تغريدته الأخيرة، إلى أن الولايات المتحدة الأميركية حددت 53 موقعا مهماً في إيران لتدميرها، وقال: "إذا قاموا بهجوم آخر وأنصحهم بشدة بألا يفعلوا ذلك، فسنضربهم بشكل أقوى مما ضربوا يوما من قبل".