Advertise here

سيناريوهات الرد الإيراني على اغتيال سليماني

04 كانون الثاني 2020 04:55:00 - آخر تحديث: 04 كانون الثاني 2020 11:14:53

يكشف التوقيت والمكان، اللذان اختارتهما الولايات المتحدة لتنفيذ عملية اغتيال القيادي البارز في الحرس الثوري الإيراني قائد فيلق القدس قاسم سليماني، والذي ارتبط اسمه بالعديد من الأحداث والمعارك العسكرية في المنطقة، أن واشنطن جادة وجاهزة للرد الاستباقي والمباشر على أي محاولة تستهدف مصالحها أو جنودها، وأن قرار المواجهة والتصعيد تحدده واشنطن وليس طهران 

كما حملت العملية المفاجئة التي أزاحت سليماني عدداً من الرسائل "المبطنة" إلى طهران، وأهمها الرد المباشر على محاولة اقتحام السفارة الأميركية في بغداد؛ والقول في مقابل ذلك إن العراق لم تعد ساحة مستباحة للحرس الثوري، بعد أن دخلها سليماني منذ ما يقارب الخمسة عشر عاماً على صهوة الجواد الأميركي، حيث مكّنته الصفقات التي عقدها مع الحاكم العسكري بول بريمر، أن يكون الحاكم الفعلي في بغداد.
 
إزاحة سليماني بما يمثل من رمزية معنوية للتمدد والتوسع الإيراني في المنطقة، تعني فشل سياسي وأمني إيراني، وعدم تقدير للموقف الأميركي واتجاهاته الحاسمة، في الوقت الذي تجاوزت فيه إيران الخطوط الحمراء التي رسمها ترامب منذ إسقاط ايران للطائرة الأميركية المسيّرة فوق مضيق هرمز. ولقد بيّنت طهران عن قصر نظر سياسي، وارتكبت خطأ فادحاً في تقدير اللحظة القاتلة وقد بدا ذلك الخطأ واضحاً في حركة انتقال قاسم سليماني المكشوفة.

العملية الصدمة التي هزت أركان النظام الإيراني لا سيما الحلقة الضيقة المحيطة بالمرشد الأعلى، الذي ترأس الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي، تثير التساؤلات بشأن سيناريوهات الرد المحتملة التي سيلجأ إليها الحرس الثوري، من حيث الشكل والحجم والمكانة، في الوقت الذي تعاني طهران ما تعانيه من أزمة اقتصادية وحالة الاضطراب الداخلي. وقد كان بيان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني واضحاً في أن واشنطن "ستدفع ضريبة غالية باغتيالها سليماني، وأنها لن تفلت من عواقبه بسهولة، وأن الانتقام الإيراني سيكون ثقيلا ومؤلما، وسيشمل المنطقة بأسرها". إلا أن العارفين ببواطن الأمور العسكرية والأمنية والاقتصادية الإيرانية، يعتقدون أن طهران عاجزة عن مواجهة الولايات المتحدة مواجهة تقليدية، خصوصا بعد ما تعرضت له من استنزاف جراء العقوبات، وهي لا تمتلك القدرة العسكرية أو الاقتصادية لتلك المواجهة، فالحرب المباشرة بين طهران وواشنطن ستكون خياراً انتحاريًا بالنسبة لإيران، لذلك فإن الانتقام لسليماني سيكون من مهمة الأذرع الإيرانية في عموم المنطقة.

وترجح المصادر المتابعة لتطور التصعيد الإيراني – الأميركي، أن المواجهة التي بدأت بين الطرفين في العراق سوف تستمر، لما تشكله الساحة العراقية من مصلحة إيرانية استراتيجية وبوابة برية الى المنطقة، كما أن الولايات المتحدة الأميركية ترى في العراق ساحة أساسية لحسم الصراع مع طهران التي تجاوزت الخط الأحمر في تعاملها مع المصالح الأميركية في بلاد الرافدين.

واعتبرت المصادر أن احتمال أن تستهدف ايران مجددا مواقع استراتيجية للنفط السعودي مرجّحة، أو أن تكرر عمليات التصعيد في المضائق البحرية، مع احتمال ان لا يكون الرد الأميركي هذه المرة كسابقاته، لان التحالف البحري الذي تقوده واشنطن بات في جهوزية للرد المباشر، بما في ذلك الرد الجوي داخل الأراضي الإيرانية.
 
من المحتمل إذاً أن يتم الرد الإيراني عبر ميليشياتها في سوريا وأفغانستان ودول الخليج العربي، والأراضي الفلسطينية المحتلة، بعمليات نوعية ضد المصالح والقوات الأميركية والإسرائيلية، إلا أن تلك الساحات وظروفها ستكون مكلفة جدا على طهران، في ظل الجهوزية الإسرائيلية من جهة التي تنتظر مثل تلك الفرصة، ودخول القوات الأميركية في المنطقة حالة الإنذار القصوى مع قرار مباشر بالرد.

وترى المصادر ان استنزاف ايران لخيارات المواجهة خلال الأشهر الماضية، وضعها امام دائرة صغيرة من احتمالات الرد غير المفاجئة على الرسائل الأميركية المختلفة الأحجام، التي شكل اغتيال سليماني احدى سهامها الموجعة.