Advertise here

حكومة اللون الواحد تعيد لبنان الى لعبة المحاور

04 كانون الثاني 2020 05:00:00

كل الدعايات التي كانت القوى العاملة على خطّ تشكيل الحكومة، توحي من خلالها أنها تعمل على تشكيل حكومة مستقلة مؤلفة من إختصاصيين يمثلون تطلعات اللبنانيين المنتفضين، كانت مجرد أوهام، أو عمليات ذر للرماد في العيون لتقطيع الوقت وتشتيت التظاهرات والعودة إلى اللعبة السياسية المعلبة التي تريد من خلالها قوى العهد الإنتقام من كل الأفرقاء. 

أولاً لن تضم الحكومة العتيدة أي ممثل للمتظاهرين اللبنانيين، وثانياً لن تضم شخصيات مستقلة، إنما كل الشخصيات التي تقدّم على أنها من الإختصاصيين ليست إلا لمحسوبين على القوى الحزبية والسياسية.
 
إنها حكومة إعادة إنتاج السلطة ذاتها، وربما سلطة مشابهة لما كانت عليه أيام الوصاية السورية وعهد إميل لحود. ربما تشبه حكومة الرئيس عمر كرامي التي تألفت قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبالتأكيد أن التداعيات السياسية ستكون مشابهة لها. إنه النهج الذي سلكه العهد منذ توليه السلطة باستعادة رموز زمن الوصاية وتوليتهم مواقع في الدولة، حتى أن الممارسة السياسية لم تكن مختلفة أبداً عن عصر ما قبل العام 2005.

وربما البركة التي أخذتها الحكومة قبيل ولادتها، كانت برسالة التهنئة التي تلقاها الرئيس ميشال عون من رئيس النظام السوري بشار الأسد، وهي تدلّ على أن ما يجري حالياً في لبنان، ليس فقط التفافاً على الإنتفاضة ومحاولة لتطويقها وشرذمتها وإنهائها بعد إختراقها، بل حتى ما يجري هو إنقلاب على التوازنات والثوابت السياسية، والذهاب إلى تشكيل حكومة اللون الواحد، مع فارق أن أصحابها لا يدعون ذلك إنما يقدمونها بلبوس حكومة الإختصاصيين المستقلين، فيما حقيقتها في مكان آخر. وهذا الإنقلاب بحد ذاته سيمثل الإنقلاب الأكبر على إتفاق الطائف والدستور والذهاب إلى إرساء قواعد جديدة.

طبعاً ستسقط هذه الحكومة بحال تشكلت وحازت على الثقة، في ظل ما يحكى عن حرص على الميثاقية اللبنانية، خاصة أنه يتم تهميش العديد من المكونات، فالموقف السني رافض لها ولا يمنحها الغطاء، وحتى التعاطي مع الحصة الدرزية بغض النظر عن التفاصيل والحسابات السياسية، يشير إلى تهميش الدروز ومحاولة للإنقضاض على موقعهم، كما أن هذه التشكيلة تهمّش قوى سياسية أخرى وتختزل الجانب المسيحي بطرف واحد.

ستفتح الحكومة صفحة سياسية جديدة، والمرحلة ستكون للسياسة ولن تكون للإنهماك إلى الحلول الإقتصادية والمعيشية، هي لن تكون قادرة على ذلك، بل إنها في ضوء تداعيات اغتيال مسؤول فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ستلحق لبنان في ركب الدول التي تعيش أزمات متتالية، وتبقى بانتظار "الشفقة" الدولية في تقديم المساعدات أو مدّها بالأوكسيجين للبقاء على قيد الحياة ولكن لا قدرة على الحركة أو السير. ستكون حكومة اللون الواحد، والإنقلاب على اللبنانيين ومطالبهم، وتكريس لبنان دولة في محور لا على خط التوازن.