Advertise here

مَن المسؤول عن جمود الفكر العربي؟

16 كانون الثاني 2019 23:10:29

من وحي الأحداث السوداء التي يشهدها الوطن والإسفاف في الكلام واستعمال الكلمة المرتزقة، يطرح سؤال صريح: من المسؤول عن جمود وانغلاق هذا الفكر العربي بشكل عام واللبناني بشكل خاص؟؟ كيف نحرّر الكلمة العربية من زنزانة الخوف ومقصلة الإرهاب وسياط عبادة الفرد؟؟ وبكل بساطة المسؤول عن هذا الجمود ليس هو المفكّر العربي وإنما المسؤول عن ذلك هو الذي وضع الفكر العربي في القيود والإغلال... بشكل مباشر وبشكل غير مباشر!

كيف نفسّر أن الفكر العربي انطلق في عهد الاحتلال الأجنبي، وانكمش في عهد الاستقلال الوطني؟ كيف نفسّر أن خير كتابنا وأعظم مفكرين ازدهروا وهم يقاومون شرور الاحتلال، وذبلوا وتضاءلوا وهم يستمتعون بخيرات الاستغلال؟
السر في ذلك أن الشعب العربي لم يقدس حرية المواطن، وأنه طالب بالحرية وهو يحارب الأجنبي، ونسيها في ظل الحكم الوطني بل كان البعض منا يقول للباكي من لسعة الكرباج لا تبكِ؟! ولا يقول لحامل الكرباج لا تضرب! كان البعض منّا يبرّر إبادة المعارضين والمخالفين متوهماً أنه يكفي أن تنادي دولة بتحرير الأمة العربية حتى يُباحُ لها استعباد المواطن العربي؟ من أجل هذا توارت الكلمة الحرة، إما خجلاً وإما خوفاً ورعباً، وجاء وقت فيه الكلمة الحرة كله الحق خيانة، وكلمة الباطل وطنية، كانت مناقشة الرأي خروجاً على الخط المرسوم زوراً وعنجهية، وانتقاد تصرف من تصرفات المسؤول عمالة وابتعاد عن الحقيقة المرّة!! وتستحق لعنة الجميع...

وبسبب هذا الإرهاب الفكري رأينا بأم العين كيف انتشرت الكلمات الجوفاء ودوت الطبول الفارغة واختفت العقول المفكّرة تطبيلاً وتزميراً لسلطات واهمة آتية من خلف الحدود...

العقول لا تلد الأفكار الجديدة العظيمة إلا عندما تصطدم بعقول أخرى أيضاً عظيمة، ويخرج من هذا الاحتكاك الشرار الذي يضيء طريق الإنسانية وطريق الناس وخير الناس وحقوق الناس في وطن ضاعت فيه كل القيم وكل الأفكار النيّرة والرؤيا من أجل وطن أرقى وأفضل وبعيد عن كل هذا الاضمحلال على كلّ الأصعدة!

ولكن عندما تتكلم العواطف والغرائز والاستزلام، وتحرّم المناقشة ويمنع الحوار الهادف (عنزة ولو طارت) عندها تختفي العبقرية ويصاب المبدعون بالسقم والضعف ويطفو على السطح أصحاب العقول الفارغة والابتسامات المصطنعة وتنقلب الأسس للمنطق السليم في التحالفات والمجتمع وبكل أسف يتحول إلى قطيع والفكر ينقلب إلى تزلف والكلمات تفقد معارفها والتاريخ يصبح أناشيد وحداء فارغ...

حان لنا أن نتحرر من السجن القابع في صدورنا حتى ينطلق الفكر وترتقي الكلمة وتُبنى الأوطان.
 

*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود