Advertise here

الحريري يصل متأخّراً... فهل يعيد موقفه التوازن؟

26 كانون الأول 2019 05:00:00 - آخر تحديث: 26 كانون الأول 2019 05:29:00

وصل الرئيس سعد الحريري إلى ما قاله له ذات يوم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط. بعد أيام على تشكيل حكومته الأخيرة، خرج جنبلاط عن صمته موجهاً سؤالاً عنيفاً إلى الحريري: "ماذا فعلت بالطائف يا سعد؟".
استشرف جنبلاط من التركيبة الحكومية التي تدبّرت في ليال طويلة بين رئيس تيار المستقبل ورئيس التيار الوطني الحرّ يومها أنها ستكون حكومة الضرب إتفاق الطائف وتجاوز الدستور، وهذا ما حصل. وصل الحريري متأخراً إلى هذه الخلاصة، فخرج أمس الأول بموقف عنيف تناول فيه الوزير جبران باسيل، واصفاً إياه بالطائفي الذي أراد الإطاحة بكل شيء في الدولة.

اعتبر الحريري أنه لن يتعامل مع باسيل إذا لم يعتدل في مواقفه. وكأن الرجل دخل في جردة حساب لدفاتره السابقة، فوصل إلى قناعة كان كثيرون قد قرأوها منذ زمن وحذروه منها؛ لكنه كان يأبى إلى أن التمسها بنفسه.

موقف الحريري من شأنه أن يعيد خلط الأوراق، وإعادة الإعتبار للعمل السياسي في لبنان، إذا ما بقي على موقفه ولم يدخل مجدداً في تسوية غير محسوبة أو مدبرة في ليل.

والمقصود هنا في إعادة الإعتبار للحياة السياسية ليس العداوة مع الأفرقاء، ولا الخصومة طبعاً، إنما التوازن السياسي ورد الإعتبار للمؤسسات وعملها بدلاً من الركون إلى إتفاقيات ثنائية أو ثلاثية.

لكن بالنتيجة السياسية، فإن الحديث يجب أن يبدأ حول مرحلة ما بعد عهد ميشال عون. فالعهد بات على مشارف الانتهاء، و 17 تشرين فتحت صفحة الاختتام باكراً، وأبرز تجلياتها كانت قد بدأت منذ مدة عبر ممارسة الكيدية السياسية، الأمنية، القضائية، في ملف حادثة البساتين، والتي وقف فيها وليد جنبلاط صامداً حتّى الإنتصار وإثبات الحق وإزهاق الباطل. 

في حينها كشف العهد أوراق التوت عن نفسه في تسييس كل ما يريد، وأراد تركيب أذن الجرّة أينما يريد، وبالمناسبة كما أريد تطويع القضاء في حادثة البساتين تتم اليوم محاولات لتطويع القضاء بحثاً عن مهرب للعميل فاخوري.

ثبات وليد جنبلاط في تلك الحادثة، وتصديه لمحاولات التطويق والحصار، أعطى أملاً للبنانيين، وأوصل رسالة واضحة بأن الهزائم غير محتمة، ولا يمكن التسليم بالأمر الواقع. وما بعدها كرّت سبحة التحركات التي أسست إلى تظاهرة الحزب التقدمي الإشتراكي الإثنين في 14 تشرين، أي قبل إنطلاق الثورة بثلاثة أيام، وكانت التظاهرة التعبير الأساسي لرفض سياسات العهد بكل تنوعاتها بما فيها السياسة المالية والإقتصادية، وهي التي مهّدت إلى إنفجار اللبنانيين بكل تلاوينهم في 17 تشرين.

أصبح الميزان في مكان آخر، من يرجّح كفته الناس، والتي لا تزال ترفض تسويفات جبران باسيل ومحاولات تدخله في تشكيل الحكومة وكأنه لا يزال الحاكم بأمره. موقف الحريري، يدفع كفة الميزان الى التوازن، واللافت الأساسي في كلام الحريري هو توقيته بعد أسبوع على تكليف حسان دياب، قرر الرجل الخروج عن صمته وتفجير مواقفه، ما سيعيد عقارب تشكيل الحكومة إلى الوراء وسحب الغطاء الميثاقي عنها بشكل كامل، ما سيحرج حزب الله وحركة أمل الذين سيعيدون حساباتهم في المضي بتشكيل حكومة من لون واحد، بينما موقف رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ووصفه الحكومة بأنها حكومة جبران باسيل، أيضاً سيكون له تأثيره في المعادلة.

الأهم يبقى في صمود الحريري على موقفه، لوضع النقاط على الحروف، وللقول لباسيل بكلمة حاسمة إن زمن الدلع والدوس على الأصول قد انتهى.