Advertise here

الصراع على النفط والغاز في المتوسط.. وأهداف التصعيد التركي

26 كانون الأول 2019 04:55:00 - آخر تحديث: 26 كانون الأول 2019 05:29:31

دخلت منطقة حوض المتوسط مرحلة من التصعيد والتوتر، مع توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا فايز السراج، مذكرة تفاهم اقتصادية أمنية حول مناطق السيادة والنفوذ في البحر المتوسط.

وكان التحرك التركي تدرّج في التصعيد منذ إعلان أنقرة التحرك من أجل التنقيب عن النفط وحماية حصتها من مخزون الثروات النفطية المكتشفة في حوض المتوسط، والبحث عن سيطرة تركيا على تلك الحصص بذريعة حقوقها في الجزء التركي من الجزيرة القبرصية، التي لا تعترف بها الأمم المتحدة، ما فجر الخلاف مع الحكومة القبرصية المدعومة من اليونان. 

وأعقب ذلك توقيع الاتفاق مع الحكومة الليبية بهدف قطع الطريق على الاتفاق الثلاثي بين إسرائيل وقبرص واليونان، المرجح توقيعه مطلع العام القادم، والذي يتضمن التزام الدول الثلاث مد أنبوب غاز (ايست ميد) عبر قبرص واليونان وإيطاليا ودول أخرى في جنوب شرق أوروبا، دون المرور بتركيا، في الوقت الذي فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على الشركات التي تعمل على تنفيذ خط الغاز السيل التركي (نورد ستريم 2) الذي يربط روسيا بأوروبا عبر تركيا.

الاتفاق التركي – الليبي أعاد تفجير الصراع العسكري الداخلي في ليبيا بين الجيش الوطني بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات العربية المتحدة وإيطاليا، وحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا برئاسة فايز السراج والمدعومة من تركيا وقطر، سيما وأن الاتفاق الأمني الذي صادق عليه البرلمان التركي يتيح للقوات التركية إنشاء قواعد عسكرية برية وبحرية على الأراضي الليبية، وفي مجالها المائي على شاطئ المتوسط، ما يشكل تهديداً مباشرًا لأمن مصر واليونان وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، التي تعوم شركاتها النفطية على هذه المساحة الحساسة التي تشكل نصف مساحة البحر المتوسط.

مصادر دبلوماسية متابعة لتطورات ملف الغاز والنفط في شمال وغرب المتوسط، رأت في اتصال مع "الأنباء" أن "الأزمة وصلت الى ذروتها حيث فتحت تركيا الصراع بشكل مكشوف ومباشر وقابل للاشتعال الميداني، سواء على الأرض الليبية مع مصر والسعودية والإمارات؛ أو باب الاشتباك الأمني والعسكري في البحر مع اليونان وقبرص وإسرائيل"، وكشفت المصادر أن "سلاح الجو اليوناني قام بطلعات متعددة فوق السفن التركية وبعث برسالة تؤشر الى استعداده للحرب، كما أن إيطاليا صاحبة أكبر امتياز نفطي وغازي في المنطقة أرسلت فرقاطة حربية من أسطولها لتقول إنها موجودة أيضا بقوتها العسكرية الى جانب اليونان، كما دعمت فرنسا وبريطانيا الموقفين اليوناني والقبرصي، وهذا يتقاطع بالتأكيد مع الدعم الاماراتي والسعودي والمصري للموقف الليبي المتمثل بحكومة بنغازي ومجلسها النيابي".

المصادر رأت أن الموقف التركي المتقاطع مع السياسة الأميركية، "يضع واشنطن امام اشكاليتين: صراع تركي – عربي، وصراع تركي – أوروبي سوف ينعكس سلباً على المصالحة العربية القطرية من جهة، وعلى علاقة دول الناتو في ما بينها من جهة أخرى، لكون تركيا واليونان وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا ضمن مجموعة دول الناتو، الذي يعاني من ضغط أميركي عليه، وتهديد بوقف الدعم المالي له ما لم تساهم دول الاتحاد الأوروبي بحصة وازنة من مصاريف الحلف العسكرية".


أردوغان الذي يعمل على جعل تركيا محطة توزيع أساسية للغاز مع أوروبا، يريد تمرير خط (ايست ميد) الإسرائيلي اليوناني القبرصي، في تركيا، ليتقاطع مع خط (نورد ستريم2) الروسي – التركي، وهو لذلك يخوض حروبا استباقية في ليبيا وسوريا لضمان نجاح خطته، ويرتكز في سياساته تلك على عناصر أساسية، من خلال تحالفه مع قطر وتناغمه مع السياسات الأميركية الاستراتيجية.

الوضع إذا أمام ساحة صراع جديدة معقدة ومركبة، ومتعددة الأوجه السياسية والأمنية والاقتصادية، حيث تتواجد في تلك الساحة مجموعة من الجيوش المحترفة والقوية، وهذا يتطلب من واشنطن احتواء هذا الصراع وإيجاد الحلول الموضوعية له، قبل ان يذهب نحو مواجهة كارثية لا تحمد عقباها.