Advertise here

عقلية خطرة تهدد البلد... و"التقدمي" في المواجهة إلى جانب الناس

24 كانون الأول 2019 04:55:00 - آخر تحديث: 24 كانون الأول 2019 07:26:47

ينسجم الحزب التقدمي الإشتراكي مع نفسه وتاريخه. عدم المشاركة في الإستشارات النيابية غير الملزمة، كان التأكيد الجلي من الحزب، على إيلاء الإهتمام إلى حدّه الأقصى للناس ومطالبها، بعيداً عن مسار دام لسنوات وسنوات يرتبط بالسياسة وحساباتها. 

ما قبل 17 تشرين غير ما بعده. الأولوية للناس، للفكرة والنهج والتاريخ، للإنسجام مع المؤيدين والمناصرين، الذين لا يبحثون عن خدمة أو مساعدة، إنما يبحثون عن الدولة العادلة، المدنية التي يتساوى فيها أبناؤها في الحقوق والواجبات، ولا يعود فيها أي حساب للوساطة أو المحسوبية.

 إنها دولة كمال جنبلاط، التي تأخرت أكثر من أربعة عقود. حان الوقت للعودة إليها، لا سيما أن المجتمع اللبناني برمّته تبنى أفكار كمال جنبلاط السباقة والتي بالتأكيد لم تطلع عليها الغالبية المشاركة في التظاهرات والتحركات من الشباب، لكنهم ينسجمون معها ويحاكونها، لأنها في حقيقتها تحاكي عمقاً مستشرفاً منذ عشرات السنوات من قبل معلّم، كان هدفه الأسمى بناء دولة على أساس المواطنة، لا على أساس المناطقية والمذهبية والمحسوبية.

للسياسة همومها وشجونها. بعض الحسابات فيها، تُبعد المرء عن الإهتمام بشؤون التنظيم أو البيئة الإجتماعية أو المحازبين، لأن معركة الوجود تتقدم على أي من المعارك الأخرى، مع التأكيد على أن لا وجود بدون تعزيز المجتمع وبيئته الحاضنة وتوفير حضوره القوي من خلال توفير منظومة هائلة ومتكاملة من الخدمات وفق الآلية اللبنانية المتبعة. لكن الزلزال وقع، لأن الحزب الإشتراكي تقدّمي التكوين والتفكير، كان لا بد من وضع أسس جديدة حددها وليد جنبلاط لإطلاق ورشة تجديد وتطوير تتماشى مع الوقائع على الأرض، تخرج من غرف السياسة وصالوناتها إلى رحاب الناس وساحاتها، ولذلك كانت المراجعة الشاملة للمرحلة السابقة بكل إنجازتها وإخفاقاتها، والعودة إلى الناس لمشاركتهم هموهم وتطلعاتهم بحثاً عن دولة.

إنها مرحلة الرجوع خطوة إلى الوراء بهدف المراجعة، لتكون الإنطلاقة بمزيد من الخطوات إلى الامام، بعيداً عن كل آليات الحسابات التي تغرق بها القوى السياسية والحزبية الأخرى، التي تبحث عن سبل للإلتفاف على مطالب الناس، من خلال استخدام تقية سياسية أصبحت مكشوفة ومفضوحة، وآخر تجلياتها هي الإستشارات النيابية الملزمة المعلّبة لتكليف رئيس للحكومة، والبحث عن فرص للعودة بشكل غير مباشر إلى الواجهة من قبل القوى والأحزاب التي لفظتها الناس وتجاوزتها وكسرت هالات كانت تسعى هذه الشخصيات إلى إحاطة نفسها بها.

ولأن الوقائع تتقدم على الأوهام، كان لا بد من موقف مقاطعة الإستشارات غير الملزمة، وإتخاذ القرار بعدم المشاركة في الحكومة، خاصة أن آلية البحث عن الحصص والمكاسب لا تزال قائمة، بعيداً عن الإهتمام بمشاكل الناس، والسعي الجدي للخروج من الأزمة الإقتصادية والمالية التي لا يبدو أن ثمة حلولاً واضحة لها، طالما أن العقلية الشخصانية لا تزال تفرض نفسها على أصحابها وهم يريدون تعميمها على اللبنانيين، من دون الإهتمام بما ستعكسه من كوارث.