Advertise here

بعد العراق.. سوريا ساحة لمواجهة أميركية مع إيران

21 كانون الأول 2019 07:45:00 - آخر تحديث: 21 كانون الأول 2019 18:58:09

عاد الملف السوري ليتصدر اهتمامات السياسة الأميركية على خلفية محاصرة ايران لتقليص تمدد نفوذها في المنطقة، لا سيما في سوريا التي أنشأ الحرس الثوري الإيراني فيها قواعد عسكرية متقدمة، وشكّل ميليشيات خاصة موازية للميليشيات التي استقدمها من لبنان وأفغانستان، لدعم النظام السوري، ما مكّن ايران وحلفاؤها الذين شاركوا النظام في قتل الشعب السوري وتهجيره، من السيطرة على مساحة شاسعة من الأراضي السورية، إضافة الى الاشراف المباشر على قيادة بعض الألوية العسكرية. 

 

وبعد ما فشلت روسيا في الحد من السيطرة الإيرانية على سوريا، وعلى الرغم من عدم تدخل الدفاعات الجوية الروسية في صد الغارات الجوية الإسرائيلية على مواقع حزب الله وعلى القواعد الإيرانية في سوريا، الا أن ذلك وبرأي المتابعين لم يعدل من موازين القوى الداخلية التي باتت تتطلب مواجهة مباشرة لتقليص مساحة النفوذ الإيراني في سوريا، خاصة وأن واشنطن قد نجحت في تغيير قواعد اللعبة في العراق، من خلال تعزيز التحالف القائم بين الشارع العراقي والمرجعية الدينية الممثلة بالسيد علي السيستاني والذي يقف الجيش العراقي الى جانبه، بوجه ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران.

 

بعد إقرار قانون (قيصر) الذي يتيح للبيت الأبيض ولوزارة الخارجية الأميركية فرض عقوبات اقتصادية على الافراد والمؤسسات والشركات التي تدعم النظام السوري، والتي تطال بشكل مباشر ايران وروسيا على وجه الخصوص، برز اللقاء الذي جمع قائدا الجيشين الأميركي والروسي في سويسرا، ناقشا خلاله "تطورات الأزمة السورية والاستقرار الاستراتيجي، ومجموعة متنوعة من القضايا الاستراتيجية لتعزيز تجنب المواجهات العرضية، وتحسين التفاهم وتقليل المخاطر"، والذي تبعه تصريح لوزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، أكد فيه إن القوات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط مازالت تتمتع بالقدرة على مواجهة التهديد الإيراني وخطر داعش.

 

هذه المواقف سيكون لها تداعيات مهمة على الستاتيكو الجديد الذي بدأ يتركز في شمال سوريا بعد فشل اللقاء الـ 14 لمسار أستانة الأخير والذي جاءت مقرراته بمثابة إعادة تدوير لمقررات سابقة، ما يعني أنه افتقد القدرة على ابتكار الحلول للأزمة السورية خاصة في محافظة إدلب، حيث علمت "الانباء" من مصادر متابعة أن، المباحثات الروسية التركية الجارية، وضعت مصير منطقة خفض التصعيد في إدلب على جدول اعمال القمة الثنائية التي ستعقد بين بوتين وأردوغان في منتصف كانون الثاني المقبل، ما يعني ارجحية الموقف الروسي لصالح تركيا في ما يخص مصير ادلب، حيث يسعى النظام السوري مدعوما من ايران للسيطرة على كامل محافظة إدلب.

 

من جهة أخرى يستمر الصراع الكردي التركي حول المنطقة الآمنة في شرق سوريا، ومسألة توطين مليون لاجئ سوري وما تحمله هذه الخطوة من ممارسات عرقية ضد الأكراد، حيث سيتم توطين العرب السنة في تلك المنطقة للفصل بين الأكراد وتركيا، بموافقة أميركية – روسية. إلا أن تركيا لم تقبل بتلك النتائج حيث انها تريد السيطرة على كامل الحدود الشمالية السورية مع تركيا، ما يعني أن الاشتباك في هذا المثلث: أميركي – تركي – روسي؛ لم يصل الى خواتيمه بعد، وهو سيكون أيضا على طاولة بوتين – أروغان. 

 

في المقابل تريد واشنطن إيجاد مخرج لهذه الأزمة، تعيد الثقة بينها وبين الأكراد وإمكانية التعاون بينها وبين القوات العسكرية التي تمتلكها (قسد) وعديدها 60 ألف مقاتل، وقد عملت واشنطن على تدريبها وتجهيزها خلال فترة طويلة، سيما وأن قيادة الجيش الأميركي أعادت ثبتت تواجدها في منطقة شرق الفرات التي تمتلك 85 % من الثروات النفطية والغازية والزراعية السورية حيث أبقت ما عديده 600 عسكري وخبير أميركي ، للسيطرة على المنطقة وقيادة القوات الكردية في تلك المنطقة. 

 

الوضع في سوريا بدأ يرسو على ستاتيكو ميداني جديد، له ارتباط عميق بالأولوية الجديدة التي حددتها الإدارة الأميركية منذ شهرين تقريباً، وهي أولوية إخراج إيران من سوريا، أي أولوية إنهاء النفوذ الإيراني في سوريا بالتفاهم مع إسرائيل، وبالتفاهم مع روسيا رغم التحفظات الروسية التي تظهر في الاعلام، ما يعني اننا أمام مشهد جديد قد يتطلب قتالاً بمختلف الأسلحة سواءً الجوية، أو الأرضية، التي باتت متوفرة وتنتظر نضج العامل السياسي، وانضباط الجبهات الأخرى التي تعالجها واشنطن مع كل من روسيا وتركيا، لذلك ينظر الى سوريا على انها ساحة معركة قد تفتح قريبا في مواجهة ما يقدر بـ 70 إلى 90 ألف مقاتل إيراني، تعمل تحت قيادة الحرس الثوري بقيادة قاسم سليماني.