Advertise here

وقع المحظور ولبنان أمام أزمة عميقة!

17 كانون الأول 2019 13:40:03

أصبح المحظور واقعاً. لبنان في مهب الرياح والتجاذبات. لا الحلول السياسية تلوح في الأفق، ولا بوادر اقتصادية تنبئ باحتمالات حصول انفراج قريب، في ظل غياب الجدية بمعالجة كوامن الهدر والفساد، وكله بسبب التعاطي اللامسؤول من قِبل السياسيين. ويبدو لبنان متروكاً بلا رعاية دولية جدية، والسبب أيضاً هو أداء القوى السياسية التي لا تزال تبحث عن التنازع على الحصص والمكاسب وتسجيل النقاط، وربما هذا هو ما دفع رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، إلى الخروج عن صمته، وقوله إنه ليس بحاجة ليتسمى من أي طرف، ولكن زمن عرض العضلات وتسجيل النقاط قد انتهى. ومن الواضح أن الحريري يقصد التيار الوطني الحرّ، ورئيسه الوزير جبران باسيل، الذي لا يترك مجالاً إلا ويريد من خلاله البحث عن مكسب أو نقطة، سواء في السياسة أم في ممارسته الشعبوية.

وفي الوقت الذي كان فيه الجميع يتحضر فيه للاستشارات، وبدأ التعاطي معها وكأنها واقعةً، وقد تمّ تكليف الحريري بتشكيل الحكومة، حصل ما لم يكن في الحسبان، وهو بنتيجة موقف القوات اللبنانية التي أعلنت أنها لن تسمّي أحداً، ما حجب الميثاقية عن تسمية الحريري، وتمثّل في توجيه ضربة معنوية له بأن يرضى بالتكلّف بحوالى 55 صوتاً، أي أقل من أكثرية أعضاء مجلس النواب، وهو حتماً لا يرضى بذلك، فطالب بتأجيل الاستشارات للإفساح في المجال أمام المزيد من الإتصالات للوصول إلى تسوية ما.

لكن رئيس الجمهورية، أصرّ على لعبة تسجيل النقاط في البيان الذي أصدره للإعلان عن تأجيل الاستشارات، إذ تعمّد الإشارة إلى أن التأجيل يهدف إلى البحث في تشكيل الحكومة، وهو ما يعني أن عون يتعمد توجيه الرسائل السلبية للحريري، عبر التمسك بمعادلة التأليف قبل التكليف. كل هذه الحسابات تبدو بعيدة وقاصرة، عن ما يهم اللبنانيين، وما يجب القيام به لإخراج لبنان من المأزق الذي يمر فيه، ويمنعه من الانزلاق إلى الهاوية.

وما يؤشر إلى أن الأزمة ستكون عميقة، ولا يبدو أن مهلة ثلاثة أيام ستكون كافية للوصول إلى تفاهم عريض تتوافق عليه القوى السياسية، ويحظى برضى الشارع، وبالتالي الأزمة إلى استفحال، وسط عدم رضى شعبي ودولي على أداء القوى السياسية، ولا سيّما حرب البيانات وتقاذف المواقف بين رئاستي الجمهورية والحكومة، والذي يهدف الطرفان من خلاله إلى تحسين شروطهما التفاوضية، لكنه في الحقيقة يعكس أزمة عميقة، تؤشر إلى أن لا أحد، يهتم بشؤون البلاد، التي تبدو ذاهبة إلى صورة قاتمة، خصوصاً وأن التلاعب الأمني، والتغذية لاستثارة العصبيات المذهبية قد بدأت بقوة، وانعكست توترات أمنية خطرة في وسط بيروت طوال الأيام الماضية.