Advertise here

بين القمة الاقتصادية وقمة وارسو... أين النأي بالنفس؟

15 كانون الثاني 2019 12:43:54

ما أحوج لبنان إلى النأي بالنفس وإعادة إحياء هذه المعادلة. تجربة الأيام القليلة الماضية، والانقسام حول دعوة سوريا من قبل الجامعة العربية إلى القمة الإسلامية، وتالياً الانقسام حول التعاطي مع دعوة ليبيا، أعاد إلى الأذهان جانباً من منطق التوتر السياسي الذي يعانيه لبنان وينطوي على صراع ضمني على النفوذ وتسجيل النقاط من قبل القوى السياسية على بعضها البعض. وما من المفترض أن يتطور أكثر في الأيام المقبلة، هو كيفية تعاطي لبنان مع الدعوة التي تلقاها من الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في قمة وارسو لمواجهة النفوذ الإيراني.

لا جواب واضحاً بعد حول كيفية تعاطي لبنان مع الدعوة، وإذا ما كان سيشارك فيها، لكن الترجيحات تشير إلى احتمال الاعتذار عن المشاركة لمجموعة أسباب، أولها العودة إلى العمل بمندرجات النأي بالنفس، وعدم الانخراط إلى جانب محور على حساب آخر، وبالتالي حالة الانقسام الموجودة في البلد ستحتّم عدم المشاركة في القمّة، خاصة أن قوى سياسية ستعارض ذلك بقوة وتنظر إلى القمة من منظار استهداف لها، كما أن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيكون حاضراً، وهذا يحتّم على لبنان عدم الذهاب.

ولكن أيضاً لا بد من السؤال عن تداعيات عدم مشاركة لبنان في هذه القمة، وإذا ما كان سيحسب بأنه امتنع عن المشاركة لأنه يرفض مواجهة إيران، وبالتالي يُدرج في صف حلفائها أو محورها. بحسب ما تشير المعطيات فإن لبنان الرسمي سيبدأ سلسلة اتصالات لإيضاح موقفه، وسيطلب تفهّم ظروفه، لأنه لا يحتمل أي ظرف انقسامي جديد. بينما التأكيد حول عروبته وعدم احتسابه على ايران، سيتم من خلال الإصرار على عقد القمة الاقتصادية في بيروت، التي ستؤكد أنها عربية باحتضان القمة بدون تحقيق رغبة بعض القوى في تطييرها أو تأجيلها أو تغيير مكانها.

وما بين القمتين، لا يزال الوضع اللبناني يرزح تحت ضغوط التطورات الخارجية، والتي على ما يبدو ستكون فاعلة أكثر فأكثر سياسياً واقتصادياً في الفترة المقبلة، وهذا يمكن استشرافه من فحوى ومضمون اللقاءات التي عقدها وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، الذي اعتبر أن على لبنان عدم التساهل مع أنشطة إيران و"حزب الله"، والحفاظ على الاستقرار وتطبيق القرارات الدولية، كما أن هيل ألمح إلى الاستعداد لتطبيق الجانب الأقسى من العقوبات على حزب الله في الفترة المقبلة، وهذا بالتأكيد سيكون له تداعيات على الوضع في لبنان.