Advertise here

جنبلاط كان أول المحذّرين... فاصغوا جيّداً إلى هذه النصيحة

11 كانون الأول 2019 08:18:49

قبل 3 سنوات كانت الطبقة السياسية في لبنان تعيش نشوة التسويات، وترف الإنفاق يميناً وشمالاً، مهللةً لإنجازاتٍ يُفترض بها أن تكون سياقاً طبيعياً لعمل المؤسّسات الدستورية وانتظاماً عادياً للمالية العامة. إلّا أنّ غياب الرؤية السياسية والاقتصادية الواضحة، والابتعاد عن الإصلاح الحقيقي، حوّل قانون الانتخاب إلى إنجازٍ، وإقرار الموازنة العامة إلى إنجاز، وتعيين قاضٍ أو مدير عام إلى إنجاز.

حينها كان صوت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وحيداً في بريّة السياسة اللبنانية، محذّراً من وصول البلد إلى نفقٍ مظلم، وإلى انهيارٍ حتمي إذا ما استمر في نهج الصفقات والسمسرات الذي كان قائماً بغياب حلولٍ جذرية لأسباب العجز الحقيقي في خزينة الدولة.
ولمَن لم تسعفه الذاكرة، نعيد التذكير بمواقف جنبلاط المتتالية حول ضرورة إعطاء الأولوية لموضوع الكهرباء، ووقف النزيف الذي تكبّده للخزينة بمليارات الدولارات. حينها استعرت الحملة الإعلامية العبثية على جنبلاط و"التقدمي" متهمين إياه بأنه يريد إفشال العهد ومحاربته. وما هي إلّا أشهر قليلة حتى بات لسان حال هؤلاء أنفسهم هو النعي والشكوى بأن البلاد مهدّدة بالانهيار، مطلقين الحملات الوهمية على الفساد، رغم معرفتهم بمصادر هذا الفساد، إن لم نقل ممارسته أيضاً.

لم يصدّقوا وليد جنبلاط إلى أن أتاهم التحذير الأول من البنك الدولي، بلسان حال جنبلاط، بأن لا دعم للبنان من أيٍ من الجهات المانحة قبل معالجة عجز الكهرباء أولاً. وكذلك فعل الموفد الفرنسي خلال زيارته إلى بيروت في الصيف الماضي.

تجاهلوا كل تحذيرات جنبلاط حتى دخلنا في النفق المظلم، وباتوا يهربون من الحقيقة بملاحقاتٍ واستدعاءاتٍ لناشطين بحجة حماية هيبة الدولة المالية، وغيرها من الحجج التي ليست إلّا تعبيراً عن الفشل في مواجهة الأزمة، ووقف الانحدار إلى الهاوية التي وصلنا اليها.
لكن اليوم وقعت المصيبة، وأفلس البلد عملياً، والشعب اللبناني أمام أزمةٍ معيشية، واجتماعية، واقتصادية غير مسبوقة. وإلى باريس عاد أهل الحكم مستغيثين علّ مجموعة دعم لبنان تفرج عما يُخرج البلد من محنته.

ووحده جنبلاط، ربما، الذي لا زال يضع إصبعه على الجرح، مقدماً النصح لسلطة باتت تتقن الهروب، ومجدداً التصويب على مكمن الخلل الحقيقي. وقد كتب عبر "تويتر": "‏قد يكون مؤتمر باريس آخر فرصةٍ للبنان لوقف التراجع، إن لم نقل الانهيار. ونذكّر في هذا المجال أن الشرط الأول لمؤتمر باريس هو الإصلاح ابتداءً من قطاع الكهرباء. وكان الحزب التقدمي الاشتراكي قد طالب مراراً بإصلاح هذا القطاع قبل اندلاع الثورة مندداً بتجار السفن، وما وراء السفن في سعر المحروقات".

فهل هناك من يصغي في هذه الجمهورية للنصيحة؟