Advertise here

اللبنانيون يغرقون في مستنقعات الفساد... والمطلوب معجزة!

10 كانون الأول 2019 08:10:00 - آخر تحديث: 10 كانون الأول 2019 08:10:19

بأي عين، أو نظرة، أو صورة، سيذهب لبنان للقاء مسؤولين من مختلف الدول للبحث عن مساعدات له، بعد مشاهد الإثنين على الطرقات؟ ربما أول الملاحظات التي سيسجلها المسؤولون الغربيون للبنانيين هو أنهم بحاجة إلى حكومة لتصريف المياه وتنظيف المجاري، قبل الحديث عن حكومات تريد مقارعة الدول، والتمترس على طريق الدببة، ومواجهة الأمم، وبلوغ القمم. أصبحت القمم في لبنان مستنقعاتٍ أغرقت الناس، ليس في دوامة المياه مع كل زخة مطر، بل في مستنقعات سياسية، اقتصادية، اجتماعية ومعيشية.

لا يمكن للمرء أن يتخيل ما جرى في لبنان أن يحصل في مجاهل خريطة العالم. ناسٌ حُبست في سياراتها لساعاتٍ بسبب تساقط الأمطار. والمياه اجتاحت مدارج المطار، والممرات إلى الطائرات، كما غرقت مكاتب بعض الوزارات. ولحسن الحظ، أن غضب الطبيعة لم يتزامن مع زيارة أحد المسؤولين الأجانب إلى لبنان، وعنه لكان أرسل في تقريره وجوب إعادة النظر بكل برامج المساعدات المخصّصة لمشاريع وبرامج، وحصرها كلّها ببنى تحتية، وإعادة تأهيل بنية هذه البقعة الجغرافية التي يحكمها نظام من أسوأ أنظمة المحاصصة والمكاسبة، ولا تتمّ فيه أي مساءلة أو محاسبة.

الأحوال السياسية ليست أفضل من حال الطرقات، وتبدو أسوأ من الأحوال الجوية وانعكاساتها، أو تجليّاتها على فيضانات المجارير والأتربة على المنازل والسيارات. وكما حوصرت الناس في المياه، لا تزال القوى السياسية تحاصر نفسها بنفسها متمترسةً خلف مواقفها السياسية، ومطامعها المصلحية، بغية ابتزاز الأطراف الأخرى باستهلاك الناس، وإهانتهم، وحرق أعصابهم وأرزاقهم لتحقيق المآرب والغايات.

فلم يتحقق أي تقدّمٌ سياسي، بعد، على خطّ تشكيل حكومةٍ منتجةٍ تنتشل البلاد من أوساخٍ لطّخت كل شيء، حتى كرامات ما تبقى من مؤسسات. وفيما يستمر اللبنانيون بتحركاتهم الاحتجاجية، تستمر القوى السياسية بالتجاذب لتحسين حصصها وشروطها، وتنتظر ظروفاً إقليمية ودولية تلائمها، وترجّح كفة الميزان لصالحها، فتتعلق مصالح اللبنانيين على حبال الأزمات المحيطة ونتائجها. وعلى ما يبدو فإن الأزمة اللبنانية ستكون طويلة ما لم تحصل معجزة ترأف بحال البلاد والعباد، طالما أن المسؤولين منهمكون بحساباتهم، وتأسيس كارتيلاتهم بدعوى مواجهة الكارتيلات.