Advertise here

6 كانون الأول: تاريخ ولادة الحرية

07 كانون الأول 2019 06:00:00 - آخر تحديث: 17 تموز 2020 23:50:41

"الحياة في أصالتها ثورة، فكن ثائراً على الدوام". هذا منكَ، ومنكَ تعلّمنا معنى الثورة. فلن نبالغ إن قلنا بأننا، وفي هذه الأيام تحديداً، نراكَ في وجه كل ثائر، ونرى قبضتك، ونسمع صوتك يصدح من كل حنجرةٍ تصرخ "ثورة".

نراكَ في روح الثائرة نادين جوني، المناضلة القوية المنتفضة بوجه قوانين الأحوال الشخصية التي ما زالت حتى يومنا هذا تحرم الأم من ابنها، فقضيّتها كانت قضيّتك، وكنتَ إليها السبّاق عندما أدرجتَ بنداً ينصّ على وضع قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية في البرنامج المرحلي للحركة الوطنية في العام 1975.

نراك يا معلم في كل ثائرٍ كانت فلسطين قِبلته، وبوصلته، والقضية الفلسطينية أولويته. نراك في وجوه ثوار 17 تشرين، عندما هتفوا لفلسطين والقضيّة. وكيف لا نرى طيفك، وفلسطين كانت الشغل الشاغل لك، فلم تبخل في النضال من أجلها، ودافعتَ عنها، واعتبرتَها القضية القومية المركزية منذ النكبة سنة 1948، فأنت من أعطى شرعيةً للعمل الفدائي، وناشدتَ الجماهير العمل على تحريرها.

رأيناك يا معلّم في شباب (منظمة الشباب التقدمي)، في مظاهرة 14 تشرين، حين رفعوا الصوت طلباً لخبز الفقير، واعتراضاً على سياسة كمّ الأفواه الممارَسة في هذا العهد الشبيه بنظام دولةٍ بوليسية، وللتمرّد على تدخّل الساسة في القضاء.
على خطاكَ نسير، فمنكَ تعلّمنا هذا، وأنت الذي طالبتَ باستقلالٍ فعليٍ للقضاء، وذلك عبر تأسيس جهاز مجلس القضاء الأعلى، والإشراف الفعلي على أعمال القضاة، وحصر صلاحية وزير العدل في توجيه النيابات العامة، وتخويل مجلس القضاء الأعلى صلاحية اقتراح القوانين والأنظمة أمام المحكمة العليا إلى جانب المتضرّرين من أشخاص القانون العام، والأشخاص الطبيعيين. وفي هذه الحالة لا يستطيع الوزير، أو رئيس الحكومة، أو رئيس الجمهورية التدخّل في شؤون القضاء. 

نراكَ يا معلّم في كل ثائرٍ يطالب بمحاسبة المسؤولين الفاسدين، واسترداد الأموال المنهوبة. ففي حقل الإدارة كنتَ منبراً للمطالبة بإعادة تنظيم الإدارة لتبسيط أجهزتها، وضمان فعاليتها ونزاهتها، وتنفيذ قانون الإثراء غير المشروع على كل من تولّى خدمةً عامة، سواءً بالانتخاب أو بالتعيين، وأن لا يكون هناك حصانة على مرتكِبي هذه الجرائم.

نراكَ يا معلّمي في الجيل الجديد الذي يشعر أن هذه السلطة لا تمثّله، أو تمثّل تطلعاته، وأنت الذي كنتَ على يقين بأن ممثِلي السلطة هم في غالبيتهم ممثّلي مصالحهم الشخصية فقط.

نراكَ في آلاف المتظاهرين الذين شكّلوا سلسلةً بشرية في 27 تشرين الأول تحت عنوان "إيد بإيد"، والتي امتدت من شمال البلاد إلى جنوبها، فأثبتوا بأنهم فعلاً تخلّوا عن لباسهم الطائفي التعصبي، وهو ما كنتَ تنادي به.

نراكَ في شهداء ثورة 17 تشرين. نراكَ في الشهيد علاء أبو فخر، وحسين العطّبار، وعمر زكريا. فساحات لبنان غصّت بدمائهم التي سالت دفاعاً عن حق الفقير، والجائع، والمحروم.

يا معلّم، في ذكرى ميلادك يسرّنا أن نخبرك بأنك نجحتَ في أن تكون قائداً عظيماً في حياتك، وها أنت اليوم تنجح مرةً ثانية في أن تكون قائداً، وملهماً، وأحد أعمدة الثورة والثورات في مماتك.

وألف تحيةٍ وسلام على روح كمال جنبلاط: يوم وُلد، ويوم استُشهد، ويوم يُبعث حياً.