Advertise here

هل رجلٌ يعيد للناس بعد اليوم ما خسروا؟

05 كانون الأول 2019 20:43:00 - آخر تحديث: 05 كانون الأول 2019 21:01:07

"أرض الخسارة يا لبنان. هل رجلٌ يعيد للناس بعد اليوم ما خسروا؟ كان المدافع عن حرية سُلبت، وراح قنديلها في الأفق يحتضرُ" 

ما أصدق هذه الكلمات التي رثت المعلّم. 
كمال جنبلاط الذي بدأ رحلته في السادس من كانون عام 1917، لم ينتهِ به السفر في محطة السادس عشر من آذار ، فهزم الموت بفكره وظلّت روحه هائمةً في مآذن وكنائس الوطن العربي والعالم...

في ذكرى مولده اليوم، سأستشهد بالتاريخ علّه يصفُ عني ولو قليلاً، خسارتنا لهذه القامة الوطنية الشريفة. 

عام 1948، توجّه كمال جنبلاط إلى باريس حيث التحق بجامعة السوربون، وباشر دراسة الحقوق، ثم انضمّ في الوقت نفسه إلى معاهد الفلسفة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، ونال شهاداتها في كل تلك المواد. غير أنه بسبب انفجار الحرب العالمية الثانية عاد إلى بيروت، وتابع دراسة الحقوق في الجامعة اليسوعية. وفي هذا الوقت شكّل جمعية تعاونية (استهلاكية) لإنقاذ الناس من خطر العوز والجوع اللذين خلّفتهما الحرب العالمية الثانية.

جرت مبايعته بالزعامة عام 1943، وفاز في العام نفسه بالانتخابات النيابية، ودخل المعترك السياسي، وأعلن على الملأ معاداته لقوى الانتداب الفرنسي في لبنان، ووقوفه إلى جانب حكومة الاستقلال. 

وفي عام 1947، بدأ مرحلة المعارضة السياسية بعد أن اكتشف عمق الفساد والرشوة، والفوضى التي تتخبط فيها البلاد.

في 17 آذار عام 1949، أسّس كمال الحزب التقدمي الاشتراكي رسمياً. وقد أعلن أن غاية الحزب هي السعي لبناء مجتمعٍ على أساس الديمقراطية الصحيحة وتسود فيه الطمأنينة الاجتماعية، والعدل، والرخاء، والحرية، والسلم، ويؤمّن حقوق الإنسان التي أقرّها ميثاق الأمم المتحدة، ومن ضمنها لبنان.

في عام 1951 أسّس الجبهة الاشتراكية الوطنية لمحاربة الفساد الداخلي في لبنان، ثم دعا باسم الحزب التقدمي الاشتراكي إلى مؤتمرٍ للأحزاب الاشتراكية العربية. 

سأتوقف أمام هذا التاريخ، لربما يعيد نفسه اليوم، ولعلّ هذه الثورة تستفقد كمال جنبلاط، الوطني الذي لطالما كان مثالا للنزاهة، للعفة وللخير. نعم منذ سنين بدأت الثورة، وعلا الصوت ليدق ابواب فسادهم. نعم، حزبنا، حزب الثورة والفلاحين والفقراء. أين نحن اليوم من كل هذا النضال التاريخي ومن هذه المسيرة الحرّة؟

نحن اليوم بأمس الحاجة للرجوع الى جوهر حزبنا وأصالته، فبذور الفساد طالت أطرافاً منه ، واجبنا البدء باستخلاصها قبل أي ثورة. الثورة على الذات كانت وستبقى الأساس، عودوا الى زمن المعلم، خذوا منه الحرية والشجاعة، خذوا منه الفكر والرقي، خذوا منه النضال والمقاومة، خذوا منه الانسانية والتواضع، عودوا اليه، خذوا منه، لعلكم تعطوه حقه وتريحونه، فمعلمي اليوم ليس مرتاحاً، قاتلوا من أجل لبنان الحلم، ليغفو بسلام ونلتقيه بفخرٍ.