Advertise here

كانون المبارك

05 كانون الأول 2019 08:54:29

عشيّة السادس من كانون الأول جلستُ متأملاً بهذا الكون، متسائلاً في نفسي عن كينونته وسرّ وجوده، وعن زرقة هذه السماء على مدار الزمن، والنجوم والكواكب التي تسبح  في فضائها، وعن وجود الإنسان وسرّ خَلْقه. وكثُرت تساؤلاتي وتأملاتي لتستوقفني فكرة كم هو مباركٌ هذا الشهر عند الله، وفيه كانت ولادة عيسى بن مريم "عليه السلام"، رسول المحبة والغفران والعدالة. وفي السادس منه أنعم الله على البشرية، وبعد مرور 1917 سنة على ولادة السيّد المسيح، بولادة  كمال جنبلاط الذي استوحى من تعاليمه التي أصبحت بعضاً من مبادئ الحزب وميثاقه في مسيرته النضالية، كما نهلَ من تعاليم النبي محمد "صلعم" الإنسانية، ودعوته للمساواة والتسامح والعدالة، ومن هنا جاء كتابه "الاشتراكية بين النصرانية والإسلام"، وأفكاره الهادفة إلى اشتراكية أكثر إنسانية. لقد كان الإنسان غايةً في حياته، والرأسمال الأهمّ بالنسبة إليه. وكم صحّ قول الشاعر شوقي بزيع عن المعلّم:

گأنما أمةٌ في شخصك اجتمعت
وأنت وحدك  في صحرائها المطر

كمال جنبلاط أنت خالدٌ في ضمير الشعب والوطن، وبعد ثلاثة وأربعين عاماً على استشهادك عادت أقوالك تُردّدُ في الساحات، وعلى امتداد الأمة رافضةً السجن العربي الكبير، مطالبةً الأنظمة بالكفّ عن قمع الحريات، مناديةً بالإصلاح، وبكل ما ورد في البرنامج المرحلي التي وضعتَه مع رفاق دربك في الحركة الوطنية. 
كمال جنبلاط، بعد 43 سنة على استشهادك ها هي الأجيال الصاعدة تتبنّى أقوالك لتؤكّد من جديد صوابية تعاليمك وأفكارك.
كمال جنبلاط، ستبقى مُلهِماً في مسيرتنا على مرّ الزمن.
كمال جنبلاط، ستبقى البدر في الظلمات الحالكة نستنير به طريق الحق.
كمال جنبلاط، ستبقى ثورة في عالم الإنسان.
كمال جنبلاط، سيبقى حزبك حزب الثورة والثائرين على الظلم والطغيان.
كمال جنبلاط، وصيّتك نافذةٌ بحماية الثورة الفلسطينية وقضيتها العادلة.
كمال جنبلاط، وصيّتك نافذةٌ من أجل حماية لبنان، والقرار الوطني اللبناني المستقل.
كمال جنبلاط، مهما تبدّلت الظروف وتغيّرت الأحوال سيبقى حزبك في مقدمة المدافعين عن الحرية والديمقراطية، وسيلتزم ما نشأتَ عليه، وما آمنت به لجهة مكافحة الفساد والفاسدين، وأنت القائل "من أين لك هذا". 
كمال جنبلاط، ولادتك التي تزامنت بنفس الشهر مع ولادة السيّد المسيح "عليه السلام". إنها لمباركةٌ من الّله تعالى.

وأختمُ مع الشاعر:

كانون يسكبُ في فؤاد زماني
عطراً يرطبُ كل ثغرٍ فاني 
والأرضُ ترتجلُ الروائعَ والسما
قد رُصّعت بالشهبِ بالتيجانِ        
قالوا لماذا الكونُ يبدو مشرقاً 
وكأنه في نشوةِ  السكران
أجبتهم والقلبُ يرقصُ فرحةً 
اليومُ ذكرى ثورةُ الإنسان.