Advertise here

الشارع ينتفض بوجه التسوية الجديدة... وهذه هي حقيقة الاتفاق الحكومي

04 كانون الأول 2019 08:00:00 - آخر تحديث: 04 كانون الأول 2019 08:22:12

لم يتأخر ردّ الشارع على التسوية التي أعيد إنتاجها في الكواليس والغرف المغلقة، ورست على التوافق حول تكليف سمير الخطيب تشكيل حكومة جديدة. سريعاً، استعاد المعترضون اللبنانيون زخم تحركاتهم وعادوا إلى الساحات والشوراع رفضاً لهذه الصيغة، معتبرين بأنها التفافٌ على مطالبهم، خصوصاً وأن ما تسرّب من اتفاقات يشير إلى أن الحكومة ستحوي وجوهاً سياسية، ووزارية، كانت قد شاركت في حكوماتٍ سابقة من بينها الحكومة الأخيرة، ما يعني أن شيئاً لم يتغيّر.

بالنظر إلى المفاوضات في الكواليس، فإن معظم القوى السياسية كانت تصرّ على استعادة التمثيل بوزيرٍ سياسي إلى جانب الوزراء الاختصاصيين الذين ستتم تسميتهم من قبل الأفرقاء، باستثناء الحزب التقدمي الإشتراكي الذي أعلن عدم اختيار وزراء سياسيين، بل سيقترح أسماءً لاختصاصيين يختار من بينهم رئيس الحكومة الشخصيات المناسبة للمواقع المناسبة، وبمثل ذلك أعلن الرئيس سعد الحريري.

لكن المشكلة الأكبر بالنسبة إلى الشارع المنتفض كانت في أن التسوية التي تسربت بعض بنودها لم تلحظ بأي شكل من الأشكال مطالب الناس والمتظاهرين، خصوصاً وأن الوزراء الاختصاصيين ستختارهم الأحزاب، ما يعني البقاء في المربّع ذاته، وهو أن الكلمة الأولى والأخيرة في هذه الحكومة ستكون للأحزاب. والأسوأ من ذلك، هو عدم اكتفاء القوى السياسية بالبحث عن حصصها، بل هناك مَن أصرّ على الحصول على الثلث المعطّل، وهو الوزير جبران باسيل الذي أعلن عدم تمسّكه بالتمثّل بالحكومة شخصياً، ولكنه بالتأكيد يريد الاحتفاظ بحصةٍ معطّلة، أو مقرّرة.

والأخطر أيضاً هو أن عملية المفاوضات التي رافقت هذه الحكومة، هي الأولى من نوعها لجهة تجاوز الدستور والأعراف، خاصةً وأن التفاوض على شكل الحكومة وحجمها، وتوزيع الحقائب والحصص والمقاعد فيها قد حصل قبل اختيار رئيسها، وذلك في تهميشٍ كامل لاتفاق الطائف والدستور، وهذا ما أعلنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من عين التينة. إنتكريس هذا المنطق سيؤسّس  لأعرافٍ تؤدي إلى ضرب الدستور أكثر فأكثر، وهو ما يعني تأجيل المشكلة، وتأخير موعد الانفجار.

وفيما تعتبر القوى السياسية بأنها سجّلت مكسباً على حساب التظاهرات، فعلى ما يبدو أن المنتفضين يستعدون لاستعادة زمام المبادرة رداً على ترشيح الخطيب، وذلك بتفعيل تحركاتهم لإجهاض هذا المسعى. وفيما يصرّ رئيس الجمهورية على استعجال إجراء الاستشارات وتكليف الخطيب، يبدو من الواضح أن المنازلة لن تقف عند هذه الحدود، بل ستعود المعركة إلى الشارع من قِبل المتظاهرين في مواجهة الحكومة العتيدة إذا ما نجحت التسوية. وهذا يعني أن لبنان سيكون أمام فصولٍ جديدة من التطورات، وذلك على وقع أزمة اقتصادية لم تبدِ القوى السياسية أي جدّية في معالجتها.