Advertise here

انزعاج عربي ودولي... وهذه شروط الحريري الحكومية!

29 تشرين الثاني 2019 07:44:09

يبدو أن عملية تشكيل الحكومة تحولت إلى "لعبة بورصة"! إنعدام المسؤولية لم يضع المفاوضات على السكة الصحيحة لإجراء الإستشارات النيابية سريعاً وتكليف شخصية بتشكيل الحكومة، وهذا يعني ليس تعطيل الحكومة فقط، بل تعطيل كل دورة المؤسسات في البلاد وعلى رأسها مجلس النواب، الذي تقع على عاتقه عملية تسمية الشخصية التي يختارها النواب لتشكيل الحكومة.

صباح الخميس كانت أسهم المهندس سمير الخطيب قد وصلت إلى نقطة الصفر وأصبحت شبه منعدمة. لكن مساء عاد الحديث عن إرتفاع حظوظه مجدداً، الغريب أن لا أحد من الناس يعلم كيف انتفت حظوظه وعادت وتجددت، لان كل ما يجري هو عبارة عن مفاوضات في غرف سوداء، لا أحد يعلم ما الذي يحاك فيها، وسط كلام منقول عن ديبلوماسيين عرب واجانب، أبدوا انزعاجهم من طريقة التعاطي مع هذا الواقع المصيري من قبل بعض السياسيين الذين لا يفكرون بغير حساباتهم، وكيف يعودون إلى الحكومة.

وبحسب ما تكشف مصادر مطّلعة لجريدة "الأنبـاء"، فإن الوزير السابق بهيج طبارة قد اعتذر عن تكليفه بتشكيل الحكومة، بعد استشعاره بأنه يراد له أن يكون صورة فقط، بينما الحكومة ستكون مشكّلة داخل هذه الغرف السوداء، وما أثار حفيظته أيضاً هو أن التيار الوطني الحرّ طالب بكامل الحصة المسيحية في أي حكومة ستتشكل، والأسوأ من ذلك أن هذا التيار، أصر على عودة وزراء كانوا في الحكومة المستقيلة إلى الحكومة الجديدة، كوزيرة الطاقة ووزير المهجرين، الأمر الذي استفز طبارة ورفض المهمة، كما أن هذا الامر استفز ديبلوماسيين مراقبين لمفاوضات التشكيل.

وعلى ما يبدو ان الفروض نفسها لا تزال تفرض على سمير الخطيب، الذي اجرى بالأمس سلسلة لقاءات مع عدد من المسؤولين، وسط تسريبات من القريبين من رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحرّ بأن حظوظه مرتفعة، بينما كان الرئيس سعد الحريري واضحاً لجهة فرض عدّة شروط للموافقة على السير بتشكيل الحكومة والمشاركة فيها ودعمها، هي أن تكون حكومة تكنوقراط، لا تمثيل سياسي فيها، وأن تتمتع بصلاحيات واسعة، وان تحضّر لإنتخابات نيابية مبكرة، كلام الحريري يوضح أنه لم يتم التوصل إلى إتفاق. لكنه أيضاً يناقض ما حكي سابقاً عن دعم الحريري للخطيب وقبله لطبارة ومحمد الصفدي واعتبار أنه وافق على دعم تشكيل حكومة تكنوسياسية والمشاركة فيها. وهذا يعني أن المناورات لا تزال مستمرة.

في هذا الوقت، كان رئيس الجمهورية يصر على ضرورة الوصول إلى توافق لإجراء الإستشارات النيابية الملزمة لأنه لم يعد بالإمكان تأخيرها أكثر، وإلا سيلجأ إلى تدبير دستوري يوم الإثنين، ما يعني أن عون يمارس كل أساليب الضغط على الآخرين للسير بما يريده في تشكيل الحكومة.

ووسط إستمرار بورصة المفاوضات حول تشكيل الحكومة، فإن بورصة أخطر يتم التلاعب بها وهي بورصة الدولار والمحروقات والمواد الغذائية التي ارتفعت إلى حدّ جنوني، بلا أي علاج أو بحث جدّي في كيفية الحدّ منها. وكان الغريب هو الإنخفاض السريع لسعر الدولار بعد ظهر الخميس وكأن هناك يداً خفية تتلاعب بمصير اللبنانيين وأرزاقهم ولقمة عيشهم، ما ينذر بوضع خطير لم تصل إلى دركه الأمور حتى في سنوات الحرب، وهذا ما يدفع بعض المنظمات الدولية الكبرى إلى التفكير في التعاطي مع الأزمة اللبنانية على المدى الطويل إقتصادياً ومعيشياً عبر التحضير لكيفية إرسال مساعدات وحصص غذائية للأسر الفقيرة والتي ستتضرر من هذه الأزمة التي على ما يبدو أن حلّها سيكون صعباً وبعيداً.