Advertise here

قضية المستوطنات تتفاعل عالميًا... ونتنياهو أمام التنحي أو الحرب!

25 تشرين الثاني 2019 06:00:00 - آخر تحديث: 25 تشرين الثاني 2019 07:52:55

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تقريرًا أعدّته فيليسيا شوارتز في تل أبيب بالتعاون مع كورتني ماكبرايد في واشنطن، أشارا فيه إلى أنّ الإدارة الأميركية أعلنت أنّ المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين غير مخالفة للقانون الدولي، ما يعني أنّ الرئيس الاميركي دونالد ترامب يضفي صبغة رسمية على طريقة التعامل مع الضفة الغربية، في خطوةٍ تعدّ تغييرًا لعقود من السياسة الأميركية.

وفي التفاصيل، فقد أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن سياسة خارجية بلاده الجديدة، والمتمثلة بأنّ إدارة ترامب لا تعتبر أنّ المستوطنات الإسرائيلية تشكّل انتهاكاً أو تخالف القانون الدولي، وشدّد بومبيو في حديث للصحفيين أنّ القرار الأميركي لا يعني إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لتبني المزيد من المستوطنات، مضيفًا أن المحاكم الإسرائيلية كانت أكدت قانونية 132 مستوطنة فيما رأت أنّ البقية هي بؤر استيطانية خارجية وغير شرعية، ولهذا أكّد أنّ بلاده لا تصدر أي رأي بما يخصّ الوضع القانوني لأي مستوطنة. وقد تلقف الإسرائيليون الخبر بإشادة، فيما أدانه الفلسطينيون والمسؤولون الأوروبيون، وكذلك مجموعات تُعنى بحقوق الإنسان، والذين اعتبروا أنّ هذه الخطوة الأميركية ستعيق الجهود الآيلة لتحقيق السلام.

ولفت الكاتبان إلى أنّ إعلان بومبيو قد لا يغيّر الأوضاع على أرض الواقع بشكل جذري، إلا أنّه يكرّس التحوّل في السياسة الأميركية التي أصبحت أقرب إلى إسرائيل، وذلك في قضايا عدّة من بينها مصير القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل، وهي خطوة أفسدت مفاوضات السلام في الشرق الأوسط لعقود. كذلك فقد أضرّت الخطوة بالعلاقات مع الفلسطينيين، الذين قالوا إن الولايات المتحدة لم تعد تشكّل وسيطًا موثوقًا به في عملية السلام.

وفيما أوضح مسؤولون أميركيون أنّ إعلان بومبيو بشأن المستوطنات أتى في أعقاب عملية مراجعة للسياسة الأميركية، مؤكدين أنّه لا يهدف إلى التأثير على الجهود الإسرائيلية المستمرة منذ الإنتخابات التي جرت في أيلول الماضي، لتشكيل حكومة جديدة. أشار الكاتبان إلى أنّه يمكن تفسير خطوة الإدارة الأميركية بأنّها دعم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي كان قد وعدَ قبل الانتخابات بضمّ أجزاء ومستوطنات في الضفة الغربية.

وذكّر الكاتبان بأنّ نتنياهو الذي يتمتع بعلاقات وثيقة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، فشل في تشكيل حكومة، وكذلك فشل خصمه رئيس الأركان الإسرائيلي السابق بيني غانتس في مهمته، في الوقت الذي يواجه نتنياهو اتهامات بالفساد، والتي انطلقت على وقعها تظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة لنتنياهو في تل أبيب والقدس مساء السبت، وطالبوه بالتنحي والرحيل. ورأى عضو "الكنيست" ستيف سابير أنّ "نتنياهو مستعدّ لإشعال النار في إسرائيل كي يحمي نفسه"، فيما قال غانتس: "نتنياهو يهدد بإشعال حرب أهلية".

وأشار الكاتبان إلى أنّ المجتمع الدولي بأغلبيته، بما فيه الأمم المتحدة، ينادون بعدم قانونية النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية، والتي يعتبرها الفلسطينيون عقبة أساسية بوجه عملية السلام.
من جهتها، أصدرت السفارة الأميركية تحذيرًا أمنيًا يوم الاثنين نصحت فيه رعاياها الذين سيقصدون القدس والضفة الغربية وقطاع غزة بالحفاظ على درجة عالية من اليقظة واتخاذ خطوات مناسبة لزيادة وعيهم الأمني في ظل الأوضاع الراهنة، ويأتي هذا التحذير إدراكًا منها بأنّ الموقف الأميركي الجديد من المستوطنات قد يشعل التوترات في المنطقة.

وقد رحّب المسؤولون الإسرائيليون بالقرار الأميركي الذي أتى بعد أسبوع من إصدار محكمة العدل الأوروبية قرارًا يُلزم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بوضع ملصق "منتج مستوطنات" على السلع الإسرائيلية المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية وليس ملصق "صنع في إسرائيل". وقد أثنت المجموعات التي تُعنى بحقوق الإنسان بالقرار، الذي شجبه من جهتهم مسؤولون إسرائيليون.

في المقابل، اعتبر نتنياهو أنّ وصف المستوطنات بأنها غير قانونية أو غير شرعية يناقض "الحقيقة والتاريخ والحقائق على الأرض" ويلحق ضررًا  بفرص السلام. كما دعا الدول الأخرى إلى اتخاذ الموقف نفسه الذي صدر عن البيت الأبيض. وأشاد غانتس بالخطوة الأميركية، معتبرًا أنّه يجب أن تحدّد مصير المستوطنات اتفاقيات تتوافق مع المتطلبات الأمنية والتي بإمكانها تعزيز عملية السلام. وأضاف الكاتبان أنّ ترامب ينتهج مسارًا تجاه المستوطنات يختلف كثيرًا عن الطرق التي اتبعتها الإدارات الأميركية الجمهورية والديمقراطية في السابق.
من جهتهم، اعتبر مسؤولون في الإدارة الأميركية أنّ خطوات ترامب ومن ضمنها القرار المتعلق بالمستوطنات يعيد ضبط النهج الأميركي تجاه إسرائيل، وذلك بعد انتقادهم للمسار الذي اتبعه الرئيس السابق باراك أوباما. واعتبر بومبيو أنّ إدارة أوباما أخطأت في قرارها القاضي بعدم استخدام حق النقض "الفيتو" ضد قرار الأمم المتحدة الذي طالب بوقف الأنشطة الاستيطانية عام 2016.

من جهتها، كانت السلطة الفلسطينية قد قاطعت إدارة ترامب منذ العام 2017، في أعقاب إعلانها عن نيتها نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والقرار الجديد الذي يخص المستوطنات ووجه أيضًا بانتقادات المسؤولين الفلسطينيين.

ورأى كبير مفاوضي السلام الفلسطينيين صائب عريقات أنّه يتعيّن على المجتمع الدولي اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة هذا السلوك الأميركي غير المسؤول والذي يشكّل تهديدًا للاستقرار والأمن والسلام في العالم". ولفت إلى أنّ المستوطنات تستولي على أرض للفلسطينيين ويدعي الإسرائيليون أنّها ملك لهم كما أنّها تفصل الفلسطينيين عن بعضهم البعض وتعيق تحركّهم.
وشدّدت الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني على أنّ الاتحاد الأوروبي سيستمرّ باعتبار كل نشاط استيطاني بأنّه عمل غير قانوني يقوّض السعي إلى حلّ الدولتين ويحدّ من عملية السلام الدائم. ودعت إسرائيل إلى وقف عمليات وأنشطة الإستيطان.

كذلك تحاول الإدارة الأميركية تأسيس خطة سلام منذ أكثر من عامين، وعن هذا الأمر أوضح بومبيو أنّ التوقيت سيعتمد على تشكيل الحكومة الإسرائيلية، بعدما أجّلت الإدارة الأميركية الكشف عن خطة السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.  

كما ذكّر الكاتبان بأنّ الولايات المتحدة التي نقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس، عمدت على قطع المساعدات عن الفلسطينيين من خلال وقف دعم "الأونروا" ودمجت القنصلية الأمركية في القدس مع السفارة، لاغية بذلك منصبًا كان يستلمه مبعوث أميركي إلى السلطة الفلسطينية. ولفت الكاتبان إلى أنّ السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان هو من يشرف اليوم على العلاقات مع الفلسطينيين والإسرائيليين، علمًا أنّه وغيره من المسؤولين يطلقون إسم "يهودا والسامرة" على الضفة الغربية كما ورد في التوراة، وبذلك يشيرون إلى أنّها الضفة الغربية ليست محتلة. وفيما لم يقم السفراء الأميركيون في السابق بزيارات رسمية إلى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، فقد فعلها فريدمان وألقى خطابًا خلال افتتاح كلية الطب بجامعة أرييل في شهر تشرين الاول الماضي، وتحدّث لـ"وول ستريت" عن ضرورة التطلع إلى مسألة المستوطنات والأخذ بعين الإعتبار أنّ هناك الكثير من القضايا التي يحتاج الفلسطينيون إلى معالجتها.

كذلك أعلنت الولايات المتحدة اعترافها بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلّة، وهي وسيلة إضافية قد يلجأ إليها المسؤولون الإسرائيليون لضمّ الضفة الغربية.
وختم الكاتبان مقالهما بالإشارة إلى أنّ المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تشكّل أبرز القضايا المهمة والمثيرة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وبات الإسرائيليون يتطلعون إليها بشكل أساسي، لا سيما وأنّها تضمّ 450 ألف مستوطن يهودي، بعدما كان يستوطنها 116300 إسرائيلي عام 1993. وأشار الكاتبان إلى أنّ المستوطنات هي المناطق اليهودية التي شُيّدت على أراض استولت عليها إسرائيل من الأردن خلال الحرب التي اندلعت عام 1967.

والجدير ذكره أنّ المستوطنين يشكّلون 15 ? من سكان الضفة الغربية، التي يعيش فيها 2.6 مليون فلسطيني و5 ? من الإسرائيليين. وقد خلص استطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في شهر آب الماضي أنّ 48? من الإسرائيليين يؤيدون خطة نتنياهو الهادفة إلى ضمّ المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وفقًا لما أوردته "وول ستريت جورنال".

(*) ترجمة: سارة عبدالله