Advertise here

وحدة قوى الإصلاح ضمانة للتغيير!

24 تشرين الثاني 2019 20:39:00 - آخر تحديث: 24 تشرين الثاني 2019 20:50:28


 

    ربما تطور الأحداث الأخيرة على وقع الإنتفاضة الرائعة في لبنان، وتزايد وتيرة الإتهامات التي لا تخلو من التجني والإستهداف، والمتنكرة للمواقف وفي كل المواقع والمراحل؛ تدفعنا لإستعراض ما لنا وما علينا من مسؤوليات إزاء هذا الواقع الصعب الذي لا يبشر بالخير ويدفع بالبلد نحو ممرات صعبة وخطيرة إذا ما تم تحريف هذا الحراك عن مساره الراقي والسلمي.

    فعلى هدير الشارع، وعلى صدى هتافات حناجر المحتجين في الساحات وهي بدون أدنى شك صرخات محقة ومشروعة بجزء كبير منها خاصة ما يتعلق بالقضايا الإقتصادية والإجتماعية؛ لا بد لنا أن نتوقف بكل جدية وإهتمام حول ما أعلنه الرئيس وليد جنبلاط عن ضرورة قيام ورشة تطويرية شاملة في الحزب تحاكي هذا الشارع الكبير بتنوعه ووعيه المتفلت بعض الشيء في خيارته الناتجة بالتقدير الإيجابي والنية الحسنة عن فقدان الأمل بمستقبل زاهر لأبناء هذا الوطن الجريح. 

    لا أبالغ اذا قلت بأن وليد جنبلاط وبرأي الخصوم قبل المؤيدين والحلفاء هو أول من حذر من الوصول إلى هذه الأزمة وما المواقف الدائمة حيال كل التطورات إلا خير دليل على ذلك من ملف الكهرباء الذي بدأنا في الحزب التنبيه عن مخاطره منذ زمن بعيد أي منذ العام 2006، إلى مقولته حول عداد الدين منذ أكثر من ثلاث سنوات. كلها خطوات إستشعارية لأزمة قادمة لا محالة.
    في إحدى جلسات مجلس القيادة في العام 2005، عرض الرئيس لإشكالية العلاقة مع الأجيال الشابة وأثار قضية محاكاتهم بما يتلاءم وينسجم مع تطلعاتهم. وأكد جازما بأن إستمرارية وتطور الحزب مرتبطة بإستنباط طرق وآليات حديثة للعمل الحزبي قادرة على جذب الشباب وتفعيل دوره في المجتمع.
    إقترح آنذاك أحد الرفاق في المجلس وهو من المسرحيين فكرة إنشاء نادي فني، مسرحي، موسيقي ثقافي يشكل ببرنامجه آلية عمل وتواصل مع الشباب ونالت هذه الفكرة إعجاب الجميع وبوجه الخصوص رئيس الحزب الذي سخر كل الأمكانات المطلوبة لتأمين البنى التحتية لهذا المشروع قناعة منه بأن هذا الإطار قد يشكل سبيلا إلى وعي الشباب وإنخراطهم في كل ورش العمل السياسي والمطلبي في البلد.  
    أذكر ذلك للتدليل على أن الحزب كان من الأحزاب القليلة في لبنان التي إستشعرت مخاطر المستقبل بكل جوانبه وتوقع تزايد أزمة الأحزاب في إستقطاب الشباب في ظل نظام طائفي مذهبي مرتكز على المحاصصة والزبائنية. وحاول جاهدا وبشكل دائم دعم المنظمات الشبابية من كشافة ومنظمة شباب وصولا الى إطلاقه جمعية الخريجين التقدميين التي شكلت وثيقتها التنظيمية في العام 2004 والتي تبقى صالحة مع بعض التعديلات خريطة طريق واضحة المعالم لكل شاب خريج فاعل في بيئته ومجتمعه.
 بناء على ذلك، يمكن فهم هواجس وليد جنبلاط حيال هذا الموضوع وإدراكه الدور الهام للشباب اللبناني في تحقيق أي تغيير. ومن هنا، نفهم دور الحزب في تفعيل أنشطة علمية تقنية وثقافية عرض فيها لكل القضايا المتعلقة بالمشكلات التي نتخبط فيها اليوم، فعقدت المؤتمرات وورش العمل واعدت الدراسات من قبل الخبراء في كل الميادين من ملف الكهرباء إلى ملف المياه إلى الملف الزراعي والخدماتي إلى ملف التعليم العالي وملف النفط والغاز، إلى الهاجس الأكبر المتعلق بالتنمية المستدامة والبيئة النظيفة، وصولا إلى إشكالية الخريجين وفرص العمل، حتى ملامسة موضوع العمالة الفلسطينية في لبنان. 

كل ذلك وعلى مدى عشرين عاماً، شكل منبر الحزب التقدمي الإشتراكي مساحة للتلاقي والحوار ودق ناقوس الخطر المحدق في النقد وفي الإقتصاد، عله بهذه الطريقة يدفع السلطة في مسارات الإصلاح الحقيقي في لبنان.
    هذه العينة من المحطات النضالية هي للتأكيد على سعيينا الدائم لمحاكاة الناس والشباب بشكل خاص في المواضيع التي تدخل في صلب إهتماماتهم في الحياة ومحاولة إيجاد الإطار المناسب لتفعيل دورهم في حركة مطلبية هادفة الى إحقاق الحق لكل مواطن. 
    ربما مشاركة الحزب في الحكومات المتلاحقة بعد الطائف كانت سبباً في التخفيف من أهمية هذا الدور المطلبي لكن الموقف اليوم الرافض لشراكة سياسية في الحكم على غرار سابقاتها هو بحد ذاته تعبير عن تصميمنا إعتماد مقاربة تحاكي الواقع الجديد الذي يتقاطع بالكامل مع نظرة الحزب الإقتصادية الإجتماعية.
    مخزون الحزب التقدمي الإشتراكي كبير جداً وطاقاته المتحررة من كل أشكال الفساد ليست بقليلة وبرامجه وأطره القادرة على مواكبة الحراك ومتابعته ودعمه متوفرة وهي على المستوى المطلوب. 

    يبقى الرهان على وعي الشباب والمحتجين في الساحات، وهم لنا أخوات وأخوة في الإنتماء إلى الوطن أن يبادروا وفي لحظة هادئة وعقل بارد الى دراسة الواقع بكل دقة وتحليل مواقف كل القوى الحية في لبنان من أجل تمتين موقعهم ضمن منظومة وطنية نضالية رائدة كان الحزب التقدمي الإشتراكي جزءاً أساسياً منها ولا يزال. 

*) أستاذ جامعي