Advertise here

الحكومة بين اللفيف والحليف

15 تشرين الثاني 2019 11:45:00 - آخر تحديث: 21 تموز 2020 12:24:52

انتظرنا موعد التكليف فأيّد خطاب اللفيف والحليف.

بين اللفيف والحليف، الحزب والتيار، سقط البلد في لعبة الصراعات الداخليةوالإقليمية والدولية المدمّرة، فظهرت الاصطفافات السياسية الحادة. فمنذ خطاب السيّد باسيل ونهره الجارف، وسلسلة المواقف التي أعلنها السيّد حسن نصراللّه، والتي كان آخرها إعلانه لخارطة طريق واضحة تضمنت البدائل والحلول لجميع الأزمات التي يعاني منها البلد، ملمحاً باسم  الوزير الأول، ومحدّداً شكل الحكومة ولونها وأهدافها، معلناً نفسه المرشد الأول للجمهورية وفريقه الذي لا يرقى إلى رتبة حليف هم الشرفاء، والشارع الملتهب. ومعتبراً الساحات التي  تغصّ بالمواطنين الغاضبين الثائرين، والمطالبين بإسقاط النظام من رأس الهرم إلى القاعدة، مغرّراً بهم من الغرب، وأعوانه عملاء الداخل كما يصفهم.

رغم كل هذا انتظر الشعب اللبناني أن يُظهر خطاب رئيس جمهورية لبنان هذا الرئيس بصورة الأب الحقيقي لكل أبناء الوطن ليلبي نداء الجماهير، ويعلن موعد بدء الاستشارات النيابية تمهيداً لتكليف رئيس حكومة تخاطب طموحات اللبنانيين، فكانت النتيجة خطاباً مكملاً خطاب الحليف.

نعم، وبكل أسف، هذه هي الصورة الحقيقية التي ظهرت جلياً للشعب اللبناني مرسومةً بريشة رئيس الجمهورية.

والغريب هو أن تُرفع هذه الصورة المستفزة في هذا التوقيت الحرج الذي تمرّ به البلاد، وكأنما المطلوب أن يكون لدينا عراقاً ثانياً، وأن يصطدم الناس بالجيش، وتسيل الدماء، وتعمّ الفوضى، وتظهر الانقسامات التي سادت في فترة ما قبل الحرب الأهلية في لبنان. 

لقد حذّر رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من الوصول إلى هذه الصورة القاتمة، فكان الجواب مزيداً من التعجرف، والتفرد، والتخوين، تحت نظرية المؤامرة التي يحيكها الغرب على جبهة الممانعة، والتي سخّروا لأجلها كل مقدرات هذا الشعب فأنهكوه سياسياً، واجتماعياً، واقتصادياً، وهم في حقيقتهم ينفّذون أجندات غريبة لا تتصل بالقضية المركزية، «فلسطين»، بأي صلة.

وكأنما كُتب علينا أن نخوض معمودية الدماء من جديد باستشهاد الرفيق المناضل الثائر، علاء أبو فخر، على يد أحد عناصر المؤسّسة العسكرية ظلماً، وتعدياً، وعدواناً، وكأنما كُتب على وليد جنبلاط مجدّداً أن يحمل الدم، ويغلّب العقل، ويحتوي غضب الجماهير الهائجة، ويصرخ بأعلى صوته المفجوع المتألم، "نحتكم للعقل، للدولة، ولقيادة الجيش الوطني، وللقضاء. لكن شيئاً واحداً لن نفعله، وهو أن نصطدم بالجيش.

فوق كل الجراح، ورغم الألم وفاجعة الحدث، هكذا كان خطاب وليد جنبلاط، خطاب الحريص على ما تبقى من هذا الوطن.

فيا فخامة السيّد، ويا سيادة الباسيل، ويا حضرة الرئيس، لتكن دماء الشهيد علاء أبو فخر فداءً للبنان الوطن لجميع أبنائه، والمستقل بترسيم حدوده، والمصان بسلاح جيشه والمتمسّك بعروبته، والمفتخر بتنوّعه، والرغيد باقتصاده، والمدني العلماني في نظامه. عندها فقط يسهل التكليف، ويضمحل اللفيف، ويصبح الشعب هو وحده الحليف. 

رحمة الله عليك يا شهيد ثورة لبنان علاء أبو فخر.