Advertise here

استفزاز جديد للشارع... فهل من تسوية جديدة؟

15 تشرين الثاني 2019 11:10:55

لا يزال التعاطي السياسي مع الأزمة القائمة، والتظاهرات المتفجرة، قصير النظر. وخطوة الاتفاق على تكليف الوزير السابق محمد الصفدي بتشكيل الحكومة الجديدة، لم يمرّ بالنسبة إلى المتظاهرين الذين وجدوا في هذه الخطوة استفزازاً جديداً لهم. فتحركوا بعفوية في الساحات والشوارع رفضاً لهذه التسوية الجديدة التي اعتبروها بأنها تحمي مصالح الطبقة السياسية، وتقفز فوق مطالبهم وهمومهم، وتريد أن تخنق صرخاتهم.

أصبح السباق بالنسبة إلى البعض بين الرهان على الوقت والحلول الأمنية، وتمرير التسوية السياسية الجديدة. لذلك، وقبل الإعلان، أو تسريب التوافق على الصفدي، شهدت بعض المناطق توترات أمنية، أو مناوشات بين الجيش والمتظاهرين، لا سيّما في تعلبايا وسعدنايل، وفي جل الديب. لكن الناس رفضت التراجع، بينما كانت القوى السياسية تعمل على إجبار الناس للخروج من الشارع كخطوةٍ إستباقية لأي تحركات ستحصل كردة فعل على تسريب إسم الصفدي كرئيس محتمل للحكومة الجديدة.

وفيما بقيت هذه القوى السياسية تعمل وفق منطق تسجيل النقاط بين بعضها البعض، وعلى حساب الناس، استمرّ الاستثمار بالتحركات لصالح اختراقها. فكما نزلت تظاهرات معروفة الوجهة قبل أيام إلى منزل الرئيس فؤاد السنيورة لتصفية حسابات سياسية معه، فإن بعض القوى لم ترتوِ من الدماء التي أزهقتها في قبرشمون، ولا في خلدة قبل أيام، فأرادت الاستمرار بعمليات الإستفزاز السياسي، عبر إرسال مجموعاتٍ إلى كليمنصو لاستهداف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وهذه المجموعات التي نزلت معروفة بالاسم والصورة، وغايتها ليست مطلبية، بل معروفة الانتماء السياسي وغايتها تصفية الحساب.

استهداف جنبلاط يأتي بسبب تألّمهم من وجوده وحضوره ودوره، هو المحبوب لدى كل البيئات اللبنانية، والوحيد القادر على الحفاظ على الحكومة وقوامها، والحريص على الثورة ومطالبها وناسها، ووحده المَرِن الذي يعرف كيف يتكيّف مع كل الحالات، ويقطع الطريق على كل محاولات زرع الفتنة والشقاق، ويمنع الألعاب الأمنية التي تقوم بها قوى سياسية وأجهزة أمنية متواطئة معها. وهذا ما فعله في الشويفات بُعيد استشهاد علاء أبو فخر. وأكثر ما آلمهم أن وليد جنبلاط قطع الطريق على الفتنة التي أُريد لها أن تشرذم المتظاهرين وتشق صفوفهم، وتذهب بالبلاد إلى أتون حرب سياسيةٍ ومذهبية.

إن تعاطي هذا النوع من القوى السياسية بهذا الشكل مع مطالب الناس هو نفسه تعاطيها مع القوى السياسية التي تشكّل خطراً عليها، أو تقف عقبة أمام مشاريعها التفتيتية والتقسيمية والتي لا تتغذى إلا على شعارات التفرقة والعنصرية. ولهذا لا تترك هذه القوى فرصة إلا وتحاول فيها استهداف جنبلاط. وللأسف فإنهم لا يتعلمون من أخطائهم، فتفشل رهاناتهم كما دائماً، ولكنهم يدفّعون البلاد الثمن.