Advertise here

نجنا من الدماء يا الله!

13 تشرين الثاني 2019 12:15:00 - آخر تحديث: 13 تشرين الثاني 2019 17:12:10

في خضم ما يشهده لبنان من حراكٍ، تأخر سنوات وسنوات، للمطالبة بحقوق مقدّسة تطال لقمة عيش المواطن، والبقاء في وطن يحفظ كرامته بأبسط ظروف الحياة، يأتي استشهاد الأخ والصديق، وابن بلدتي وحارتي، الشاب علاء أبو فخر أمام أعين زوجته وولده، يأتي كالصاعقة على اللبنانيين جميعاً ودون استثناء، لأن المحظور قد حصل، والأرض التي عطشت إلى الدم بدأت ترتوي، بدم شاب ناشط مقتنع بدوره وعمله ومتفانٍ في حمل قضايا وأوجاع الناس، ومناضل في سبيل حقوق الوطن والمواطنين وحقوق بلدته وأهلها.

إن مقتل علاء يجب أن لا يذهب هدراً، ومن المفترض أن يكون درساً للجميع، علّ الله يَهدي حكام البلد إلى كل عملٍ  صالح، وبالتالي يتم التنازل من الجميع للوصول إلى حلول على مستوى الآمال.

لبنان بلد صنعه الله فلا يجوز أن ندمّر بكبريائنا ما بناه، فلنتواضع كلٌ من ناحيته، ولنقتنع أن أحداً لا يمكن أن يلغي الآخر، ولنستورد من الغرب، ليس فقط الكماليات، إنما أيضاً النزاهة في القضاء وتحصين القضاة، ونتعلم كيف نقرّ بالأخطاء، ولنحاسب المخطئ والمُفسد، ونقمع التعصب الطائفي والمذهبي الذي هو نعمة اذا عبدنا الله حقيقة وبصدق، ونقمة اذا جعلناه لمآرب شخصية ضيقة. الأديان لم تنادي يوماً إلا بالمحبة، فأين المحبة. عندما تفتر المحبة تكثر الخطيئة، وخطايانا فى هذا البلد كثرت، بالقول والفعل والفكر.

فلنرجع إلى الله ونعمل بمشيئته لا بمشيئتنا، وهكذا دماء علاء لا تذهب هدراً ورخيصة، بل تكون سلماً لنا ومعراحاً إلى الوطن المثالي.

أثنى على مواقف الأستاذ وليد بيك جنبلاط الداعية إلى الهدوء والحكمة والعودة إلى الدولة التي هي ملاذ الجميع، وهذا أمر عوّدنا عليه البيك في مثل هذه الأوقات الصعبة. واخوتنا الموحدين يحتكمون دائماً إلى الحكمة والعقل، ونحن منهم نتعلم.

واناشد المسؤولين جميعاً والحراك والمتظاهرين والثوار أن لا يشكّو بالجيش. فالجيش هو خشبة الخلاص ولا يمكن أن نحشر الجيش لإخراجه، عندها شريعة الغاب ستسود بكل ما للكلمة من معنى، وإذا لا سمح الله وقعت الكارثة فعلى لبنان السلام، وعدنا إلى الاصطفافات والتقوقع والأنعزال، وهذا كلّه تهيئة لحرب أهلية جديدة، والهيكل سيقع على رأس الجميع، من هنا نرفع الدعاء لله ونقول نجنا من الدماء.ّ علينا أن نميّز بين الحقيقة والخيال، وبين الواقع والمرجو. دعوتي اليوم من القلب، وإنطلاقاً من مسؤوليتي وموقعي، محبة لبنان يجب أن تكون فوق كل اعتبار. أما الولاءات فلا تنفع أحد. هناك أطراف مستفيدة محلية ودولية من أي فوضى مفتوحة قد تقع على مصراعيها، فلننتبه، رغم أي خطأ كبير أو صغير، يبقى الجيش الأمل الوحيد، وتبقى القوى الأمنية كافة ملاذنا الوحيد. فلنتعاضد ونتكاتف جميعنا لأجل خلاص وطننا. ولنسعى بصدق وآمانة لمعالجة المشاكل المتراكمة منذ سنوات وسنوات.

ارفع الدعاء وأطلب من الله السلام للبنان وقلوب اللبنانيين وخلاصهم من كل شدة وغضب وخطر وحزنٍ، وأن ينجينا الله ويبعد عنا الحروب الأهلية والكوارث الطبيعية، وأن يَهدي الحكام إلى كل عملٍ صالح.

أما انت يا علاء ستبقى ذكراك معنا إلى الأبد، ارقد بسلام ونم قرير العين لأن دمك سيكون شرارة الخلاص إلى مستقبلٍ واعد بإذن الله.
نسأل الله لروحك الطاهرة السكنى في مثواه، ولعائلتك ورفاقك واهالي مدينتنا الحبيبة الشويفات الصبر والسلوان. فللأسف الشويفات كُتب لها دائماً أن تدفع فواتير غالية الثمن. "فنجنا من الدماء يا الله"

(*)الخوري الياس كرم/  (كاهن رعية الشويفات)