Advertise here

خبراء لبنانيون يقترحون تدابير عاجلة لمواجهة الأزمة: هل من يسمع؟

11 تشرين الثاني 2019 18:30:00 - آخر تحديث: 21 تشرين الثاني 2019 10:39:19

خلصت مجموعة من الاقتصاديين والخبراء والحقوقيين اللبنانيين إلى توصيات مهمّة بشأن كيفية التعامل مع التحديات المالية والاقتصادية الطارئة التي يواجهها لبنان، وذلك خلال اجتماع نظّمه المركز اللبناني للدراسات السياسية.

وشدّدت المجموعة على ضرورة التحرك بسرعة من أجل تجنب خطر الانهيارين المالي والإقتصادي، لأنّ أي فشل في التعامل مع الازمة سيؤدي إلى انخفاض حاد في قيمة الليرة اللبنانية، ما يؤدّي إلى حصول تضخم وبطالة وفقر، إضافةً إلى التدهور في الخدمات العامة الأساسية.

ومن أبرز التوصيات التي شدّد عليها الخبراء كان إدارة الإحتياطات بالعملة الأجنبية بشكل دقيق وسريع من أجل حماية الليرة اللبنانية، ووضع تدابير صارمة بما يخصّ رؤوس الأموال. وشدّد المجتمعون على ضرورة وضع خطط موثوقة لمكافحة الفساد، واتباع سياسات اجتماعية جديدة لحماية المتضررين من الأزمة الحالية، إضافةً إلى البحث في كيفية تخفيض الديون مع توزيع عادل في المجتمع وتعزيز آليات الرقابة.

وفيما رأى الخبراء أنّ هناك حاجة ماسة لتشكيل حكومة تتمتع بمصداقية، أعلنوا عن بعض الإجراءات التي يجب تنفيذها بسرعة وألا تكون رهينة للأحداث السياسية، معتبرين أنه على حكومة تصريف الأعمال تحريك مجموعة للتعامل مع هذه الأمور الطارئة. كما تحدثوا عن ضرورة تطبيق العدالة الاجتماعية، والمساواة بين الجنسين، وتشجيع الابتكار والانفتاح على العالم.

وأشاروا إلى الوضع النقدي والأزمة التي طالت الليرة اللبنانية، في الوقت الذي توازي فيه نسبة اللبنانيين الذين يعيشون في فقر الـ30%، بحسب تقديرات البنك الدولي، كما أنّ معدلات البطالة مرتفعة، فيما بلغت هجرة الشباب مستويات قياسية.  كذلك فإنّ المتظاهرين لم يقتنعوا بحزمة الإصلاحات التي أقرّها مجلس الوزراء في 21 تشرين الأول الماضي، مع تخوّف من عبء تعديل سعر الصرف الذي سيضرّ الأسر المنخفضة والمتوسطة الدخل بشكل رئيسي.

 وأوضح الخبراء أنّ الإنخفاض الحاد في قيمة الليرة من شأنه أن يخفف من عبء الدين العام المتراكم، إلا أنه يتسبب بتكاليف اجتماعية ضخمة، من بينها القضاء على مدخرات الطبقة الوسطى وانخفاض الأجور، كما سيؤدي ذلك إلى إفلاس بعض الشركات المدينة بالدولار، ما يرفع معدلات البطالة ويضعف القطاع المصرفي ويضر بآفاق النمو المستقبلية. وهنا رأى الخبراء أنّه لا ينبغي أن يكون تخفيض قيمة العملة هو الأداة الرئيسية لحل عبء الديون المتراكمة.

وأوصت المجموعة بحماية الليرة على المدى القصير، لإعطاء الوقت للقوى الاجتماعية والسياسية لكي تضع خططًا سياسية ومالية واجتماعية واقتصادية يمكنها التعامل مع التحديات الهائلة التي تواجه لبنان، لأنّ تخفيض قيمة العملة بطريقة غير خاضعة للرقابة لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة الاجتماعية. وذكرت المجموعة بخدمة الديون الخارجية للبنان، وبالمدفوعات المستحقة في 28 تشرين الثاني 2019 وفي الربع الثاني من عام 2020 التي يشوبها القلق أيضًا.

ودعا الخبراء إلى التسريع بوضع خطة للقيام بتعديل مالي موثوق، وتشمل السياسات الضرورية لتحقيق الاستقرار المالي الاتفاق على إجراء تخفيضات كبيرة في النفقات غير الفعالة المرتبطة بالفساد وسوء الإدارة، بدءاً من إصلاح قطاع الكهرباء بشكل عاجل. وفيما يتعلق بالإنفاق، تشمل الجهود التي يجب الشروع فيها استرداد الأموال العامة المنهوبة وإعادة هيكلة المؤسسات العامة من خلال دمج أو إلغاء المؤسسات الزائدة وخفض أجور كبار الموظفين. كذلك على الحكومة أن تبدأ بإصلاحات خاصة بنظام ضريبة الدخل وللحد من التهرب الضريبي وإزالة الإعفاءات الضريبية على قطاعات وشركات محددة.

وتطرّق الخبراء المجتمعون إلى ضرورة إعادة هيكلة الديون وتخفيضها لتناسب الوضع في لبنان، حيث  يتجاوز الدين العام 150% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أنّ الحد الآمن المعترف به دوليًا هو 50%. ورأوا أنّ هذه الخطة يجب أن تطبّق بعدالة أي أن يوزّع الحل بشكل منصف اجتماعيًا من حيث الأعباء، والتي ينبغي أن يشمل توزيعها أصحاب الأسهم في البنوك وبعض المودعين.

وبالنسبة لوضع ضوابط رأس المال، أوصت المجموعة بفرض نظام خاص للحدّ من تهريبها، وبحسب المعلومات فإنّ حوالي 800 مليون دولار قد تمّ إخراجها من لبنان بين 15 تشرين الأول و7 تشرين الثاني، في الوقت الذي كانت فيه معظم المصارف مغلقة.

كذلك عارضَ الخبراء الخصخصة في الوقت الحالي، بالنظر إلى انخفاض مستوى الثقة والسيولة، موضحين أنّه على الرغم من أن بعض عمليات الخصخصة قد تكون ضرورية، إلا أنها يجب أن تحصل في بيئة سياسية واقتصادية أكثر استقرارًا مع وجود آليات رقابة ومساءلة.

وأوصى المجتمعون بتطوير التدابير الاجتماعية بشكل سريع من أجل مساعدة السكان على التعامل مع البيئة الحالية. وتشير التقديرات إلى أن انخفاض قيمة الليرة بنسبة 30 % من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50%. ويتطلب هذا الخطر الوشيك العديد من التدابير.

وشدّد الخبراء المجتمعون على ضرورة إنشاء آلية تراقب أداء الحكومة ومصرف لبنان أيضًا، من أجل إعادة بناء الثقة مع المواطنين، وإتاحة المعلومات لهم من خلال تفعيل القانون الجديد المختص بحق الوصول إلى المعلومات. كما أوصت المجموعة بالتشاور مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي ورابطات الأعمال والنقابات العمالية والحركات العمالية المستقلة ومنظمات المجتمع المدني، من أجل إعداد حزمة إنقاذ.

وركّز المجتمعون على الحاجة الماسّة لتشكيل حكومة تتمتع بمصداقية يمكنها أن تلهم الثقة وتقلل المخاطر الكارثية، ويجب أن تبدأ الحكومة في سد فجوة الثقة مع الشعب وكذلك مع المجتمع الدولي.

(*) سامي عطالله، جوزف باحوط، كريم إميل البيطار، عامر البساط، جاد شعبان، جورج قرم، إسحق ديوان، جمال حيدر، كمال حمدان، نديم حوري، شبلي الملاط، سيبيل رزق، نزار صاغية، بول سالم، نسرين سالطي، فادي تويني ومهى يحيي.

 

(*) ترجمة: سارة عبدالله