Advertise here

إن ذهبتم... ماذا ستقولون لوليد جنبلاط؟!

09 تشرين الثاني 2019 11:10:55

ربما للتاريخ لسان إن تكلّم صوَّبَ، وإن سكت ذهبت الحقيقة في خبر كان. 

 بصفتي مواطن عادي أتوجّه إلى من يطوف الشوارع، ويملأ الساحات مطالباً بدولة القانون والمؤسّسات، وبالحرية والعدالة والمساواة، وبشعارات عرفتها وقرأتها منذ استفقتُ على الدنيا، وبدأت أتفاعل مع مشكلة لبنان والدستور والقانون، والنظام، والتساوي في الحقوق والواجبات. قرأتُ أن بعض الشباب أرادوا الذهاب إلى وليد جنبلاط، فأخذتني الأفكار متسائلاً!!! 

إن ذهبتم إلى وليد جنبلاط، ماذا ستقولون؟ ه‍ل ستقولون، نعترف أمام الله بأننا  تأخرنا حوالي خمسة وخمسون عاماً عنك يا كمال جنبلاط، وعن مبادئك في الدولة المدنية، وإننا نعترف أننا لم نفهمك، ولم ننصفك، ولم نعطيك الفرصة، وبدل أن نسير بمبادئك، ونحصد الثمار فقد أغوتنا السلطة والطائفية وأردنا الاستعمار؟ 

هل ستطلبون من وليد جنبلاط أن يقول إلى روح المعلم بأنكم  تستخدمون شعاراته التي أطلقها منذ 55 عاماً، وكنا نعتبرها يوم ذاك مؤامرةً على لبنان، وفهمنا اليوم أنها كانت خشبة الخلاص؟

هل ستقولون له قد أخطأ أجدادنا وآباءنا، فلو مشوا بخطة الحركة الوطنية يومها لكنّا أنقذنا لبنان قبل 55 عاماً، ووفّرنا الديون والشهداء والتهجير، والفساد والتشريد والوصاية، ودويلة لهذا ودولة لذاك.

هل ستقولون له نأسف على استشهاد والدك من أجلنا، ومن أجل الشعارات التي نطلقها نحن اليوم، من قانون من أين لك هذا، ورفع

الحصانة، وكشف السرّية المصرفية، وقانون الانتخاب على أساس النسبية، وإلغاء الطائفية السياسية، وسلطة القانون والمحاسبة؟

هل ستقولون حبّذا لو مشى زعماؤنا آنذاك بالإصلاح الذي طلبه والدك، وقرأوا في كتاب رجلٍ بحجم أحلامنا، ومَن رسم آمالنا وحلم أطفالنا، وعقول مثقفينا؟ وبدل ذلك قتل نظام البعث رجل الفكر والفلسفة والشفافية والنزاهة، ولماذا ذهبتَ أنت تلملم الجراح من قريةٍ إلى قرية لرفع الفتنة، ووأد الحروب، وقلت لناسك ادفنوا موتاكم وانهضوا؟

هل ستقولون له لماذا دافع والدك، والإمام موسى الصدر، وبيار حلو وغيرهم عن المحرومين والمظلومين والمقهورين، وحملوا لواءهم، وقادوا معاركهم من أجل حياة عزيزة وكريمة بعيدةٍ عن تسلّط المال والظالمين؟

هل ستتهمون وليد جنبلاط بعدم الرغبة في التغيير، وهو  ليس الرئيس الأول ولا الثاني ولا الثالث، وهو ليس  صاحب الكتل والتحالفات، في حين هو يمثّل اسمه وتاريخه بحجمٍ أكبر بكثير من حصته وقدرته في الحكم، والقدرة على تغيير النظام وسلوك السلطة بحصةٍ يمثّل فيها 5?? من القرار، وبدولةٍ يستشري فيها عبّاد الكراسي والمواقع والمناصب؟

هل ستقولون له شكراً لأنك قدتَ ثورة الأرز، وأخرجتَ مع الأحرار والشهداء أكبر وصايةٍ عرفها العالم، والتي قتلتْ، ونكّلت، وذبحت اللبنانيين على مدى أكثر  من 50 عاماً، وكدتَ أن تكون أنت أحد ضحاياها؟

هل ستسألونه لماذا حوصرتَ في قانون الانتخاب، وتشكيل الحكومة والتعيينات، والمواجهات هنا وهناك؟ هل لأنك فاسدٌ أو لأنك حرٌ وسيدٌ في القرار؟

هل ستقولون له نتذكّر يوم أردتَ أن تعيد الحقوق للدولة، ورفضتَ منطق الدويلة في المطار والمرفأ والاتصالات، وخُوّنت، وحوصرت، وتعرّضت للموت، وعندما سقط الشهداء في 7 أيار؟

هل ستقولون أنّك كنتَ تصرخ قبل الحراك، ومنذ سنوات، مطالباً بالدولة القادرة، وبمحاربة الفساد في الكهرباء، واختلاس المال العام، ونزلتَ إلى الشارع تدافع عن الحريات، وسُجن شبابك من أجل الكلمة الحرة، وأُطلِقت عليك أبواق عهدٍ قديمٍ أزلته مع  رفاقك الشهداء، كما يُزيل الجرّاح ورماً من قلب مريض عاد واستفاق؟

هل ستقولون أن من أدخلتهم إلى الحكومة هم فاسدون؟ أليس  وائل أبو فاعور  من حارب فساد المافيات، وأعاد الثقة إلى المؤسسات، وأنصف الفقير، وأطلق المحاسبة لكل من أخلّ بلقمة الناس بعد أن كان الفساد والإهمال ينخران الوطن، ويجتاح صحة الناس؟ وهل حملة المطابق للمواصفات فعلها وزيرٌ آخر منذ قيام لبنان؟

هل أكرم شهيب فاسدٌ؟ وهو الذي سعى منذ اليوم الأول في وزارة التربية إلى إنصاف المعلّمين، ودعم المدرسة الرسمية، ورفع الغطاء عن كل من زوّر واستغلّ المنصب العام، فواجه الرؤساء، ورفع الحصانة عن كل مرتشٍ ومخالف للقانون، وأقالَ من استخدم منصبه في استغلال الناس، وأدخل السجون كل من أثبت عليه الفساد، وأحدث الرعب لكل جامعة، أو مدرسة، أو معهدٍأخلّ في تطبيق القانون، وتجاوز حقوق الطلاب، ووضعَ معاييرَ للتعليم العالي لم يفعلها أحد قبله، وأعاد  الاحترام للشهادة بتسليط الضوء عليها، ومراقبة الامتحانات. وهل من أحد يستطيع أن يدّعي  بملفٍ أمسكه أكرم شهيّب إلّا وكان شفافاً؟

هل تعلمون أن كل مرحلة صعبة، وكل حربٍ كان يخوضها جنبلاط مرغماً ويربح، وبدل أن يحسّن مواقعه كان يتنازل عن حقوق من أجل  التعايش ولبنان؟

هل تدرون أن وليد جنبلاط، الذي تريدون الذهاب إليه واتّهامه، يملك في قلبه وعقله ودمه مجداً وتاريخاً وعزةً عمرها كل التاريخ؟ والأكيد أن بعضكم لا يعرف شيئاً عن هذا التاريخ.

هل تدرون أنه أُعدِمَ واستشهد أسلافه، من فخر الدين إلى كمال جنبلاط، وما  كان السبب إلّا محبتهم، وولائهم، وحرصهم على لبنان؟

هل تدرون أنه يوم كنّا نُظلم، كنّا نموت على أرض الوطن، ولَم نركع لاستعمار، ولَم يقودنا يوماً عدو، ولَم نخضع في تاريخنا إلّا إلى اللّه عزّ وجل؟

هكذا كان وليد جنبلاط، وهكذا سيبقى في الضمير والوجدان.

قبل الذهاب إلى أي مكان، الأجدر بكم وأنتم الأحرار الذهاب إلى المختارة، ووضع زهرة على ضريح كمال جنبلاط. وقولوا له، عفواً لأننا تأخرنا يا معلم الأجيال.