Advertise here

استعراض شوارع وتحضير مسودات حكومية... وماذا دار بين الحريري وباسيل؟

05 تشرين الثاني 2019 08:14:00 - آخر تحديث: 05 تشرين الثاني 2019 08:36:48

ليست المشكلة في السياسة مَن يقع في الخطأ، فكل المحطات والخطوات السياسية تحتمل الوقوع في الأخطاء، لكن العبرة في التعلّم منها. كان يمكن لهذا الانفجار الاجتماعي الذي شهده لبنان بكل مناطقه وأطيافه، أن يشكل درساً عظيماً لبعض القوى السياسية التي لا تعترف بغيرها، ولا ترى غير طموحاتها. وأول الدروس التي بالإمكان الاستفادة منها، هي الخروج من منطق تعليب السياسات في الغرف المغلقة. وبما أنهم لا يريدون التعلّم، فَها هم يقعون في الأخطاء ذاتها. حساباتهم في مكان، وأفكار جمهورهم ومواطنيهم في مكانٍ آخر.

وبدلاً من الاستفادة من هذه المعموديات في السياسة، يستمر هؤلاء في تكبّرهم من دون الاستعداد لسماع صوت الناس وصرخاتهم. فالصراع بحقيقته أصبح طبقياً ويتجاوز كل ما له علاقة بالحسابات السياسية أو الطائفية، بينما هم يستخدمون الأساليب البائدة ذاتها في البحث عن حلولٍ سياسية تقوم على منطق المحاصصة بين القوى في الصالونات بعيداً عن أرض الواقع. وهذا بالتأكيد لن يؤدي إلى حلول، إنما سوف يؤجّل المشاكل أو الانفجارات التي ستتوالى عند كل محطة ومفصل.

والأخطر في تعاطي بعض السياسيين مع ما جرى، هو نظرتهم من منظور ضيقٍ جداً للتحركات التي تحولت إلى انتفاضة، وكل منهم حاول الالتحاق بركبها وتجييرها لصالحه، أو بهدف تعزيز أوراقه التفاوضية. ولذلك كانت غاية رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل باستعراض شارعه في بعبدا هي تحسين شروطه. هذه الشروط التي يعمل على رفعها إلى حدّها الأقصى من خلال تحضير مسودة ورقة للتشكيلة الحكومية، وكيفية توزيع المقاعد والحقائب. وهذا ما أراد بحثه خلال لقائه مع رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي تمسّك بحكومة التكنوقراط.

لكن بحسب المعلومات فإن باسيل بقي مصراً على موقفه، وهو البقاء وزيراً في الحكومة، على أن يتم فتح باب المفاوضات بعد لقاء كسر الجليد بينه وبين الحريري، خاصة وأن باسيل مدعومٌ من رئيس الجمهورية، ومن حزب الله. والأكيد أن باسيل يرغب بتجديد التسوية مع الحريري، ولكن على أسسٍ جديدة، وذلك بعد أن سقطت التسوية الأولى التي جرت بين عون والحريري. ما يريده باسيل هو تكريس ثنائية "الحريري - باسيل"، وليس الحريري - عون، وهو ما يعني فتح الآفاق أمام التسوية لمرحلةٍ مقبلة قد ترتبط بحساباتٍ رئاسية.

صحيحٌ أن المشكلة الأولى التي تعترض إبرام هذه التسوية تتعلق بتشكيل الحكومة، وبالتحركات في الشارع. وهنا سيكون الجميع أمام احتمال من ثلاث: إما استمرار الخلاف على هوية الحكومة وشكلها بين سياسية وتكنوقراط، وإما الذهاب إلى تشكيل حكومة سياسية وكأن شيئاً لم يكن، وهو الأمر الذي سيستفز الشارع. أما الاحتمال الثالث، فهو أن يرضخ الجميع إلى مطالب الناس والضغوط الدولية، وتشكيل حكومة تكنوقراط، على أن يتم التحضير من خلالها لتعميق التسوية للمرحلة المقبلة، وذلك بعد تمرير هذه الفترة العصيبة التي تمرّ فيها البلاد.