Advertise here

لا يا فخامة الرئيس: بعبدا ليست "ميرنا الشالوحي"!

03 تشرين الثاني 2019 21:56:04

سبعة عشر يوماً مرّت من عمر الحراك الشعبي الثائر الذي هزّ الشارع اللبناني، وما هزّ ضمير العهد الغائب. وفي اليوم الثامن عشر، أتى التحرّك في بعبدا ليؤكّد أنّ رأس السلطة السياسية في غيبوبة إنكارية تغنّي على ليلاها، وكأنها تتحدّى خيار الشعب بنفاقٍ ما بعده نفاق. 

في اليوم الثامن من عمر الحراك، أي في 24 تشرين الأول 2019، خاطب فخامة رئيس الجمهورية الحراك الثائر بكلمة مصورة ما حاكت توقعات الشعب، وما قدّمت أي حلٍ تنفيذيٍ يعطي أملاً، بل على العكس زادت الكلمة من غضب الشارع، لأنها اقترنت بمساعٍ ترفض تعديلاً حكومياً ينهي سلطة الوجوه المستفزّة، وأولّها صهر رئيس الجمهورية ورئيس تياره. فبالرغم من محاولة الرئيس عون كسب تعاطف الشارع وإخراج الثوار، إلّا أنّه زادهم عزيمةً، فلا دعوته الحراك للقاءٍ يجمعه معهم نفعت، ولا تثنيته الورقة الإصلاحية التي كان قد أعلنها الحريري، نفعت لإيقاف الثورة.

وبعد استقالة رئيس الحكومة، سعد الحريري، الذي لم يأخذ موافقة الرئاسة الأولى قبل إعلانها، بل اكتفى باتصالٍ هاتفي مع بعبدا طلب فيه لقاء عون، لتأتي استقالة الحكومة ويكون اللقاء بغية تقديم هذه الاستقالة إلى الرئيس عون. بعد كل ذلك أصبح صمت بعبدا سيّد الموقف. فلا الاستشارات النيابية للتكليف أبصرت النور، ولا موقف رسمي للجمهورية سُجِّل، وحدها معاتبات وزراء العهد خرجت. 

وعاد رئيس البلاد ليخاطب الشعب في اليوم الخامس عشر للثورة، فأتت كلمته أيضاً مسجلةً أشبه بتمثيلية، وذلك بالرغم من تعهّده للشعب بأنّه سيكون صوتهم ولسانهم. فحديثه عن ضرورة اختيار الوزراء القادمين حسب الكفاءات والمهارات، لم يحمل تعهداً باختيار تكنوقراطيين. كذلك مطالبته الشعب بالضغط على النواب لإقرار قوانين تضمن حقوقهم، أتت هزيلةً أيضاً، لأنّها ما حملت آليةً واضحة، حتى مطالبته محاكمة الفاسدين أتت مضحكةً، ولم تحمل الرسالة التي أراد الرئيس عون إيصالها، لأنّ فريقه هو الذي يمتصّ دماء القضاء ويمنع استقلاليته. 

أما الخطاب الذي قلب الطاولة على رأس العهد، فقد كان الخطاب الثالث، وكل ما رافقه من تهليلٍ وتهويلٍ وتمثيل. فمسيرة "أهل الوفاء" التي توجّهت الأحد إلى قصر بعبدا أساءت لكل لبناني لا ينتمي للتيار العوني. 

لماذا تُفتح طرقات القصر أمام جمهور واحد، وهي التي لطالما كانت مقفلةً طوال الحراك، وطوال السنوات الثلاث التي مضت من عمر العهد؟ لماذا، وفي خضم هذه الثورة، والاستياء اللبناني، يؤكّد رئيس الجمهورية أنّ قصر الجمهورية لتياره، ولعائلته، ولحاشيته؟ لماذا يحق لجبران باسيل أن يقف على منصة في بعبدا، ويخاطب الجمهور الفئوي أصلاً؟! 

ليست هذه الرئاسة التي نريد. وليس هذا الرئيس الذي نريد، والذي أعاد إلى الأذهان زمن الفئوية الذي نكره. والأهم من كل ذلك: ليست هذه الخطابات والرسائل التي نود أن نسمعها من بعبدا. وإن كان هذا ما يريده الرئيس، فجدران ميرنا الشالوحي ترحّب بتلك الكلمات، أكثر بكثير من جدران قصر بعبدا المخطوف!