Advertise here

لا للعودة إلى زمن الباش بزق!

03 تشرين الثاني 2019 14:53:00 - آخر تحديث: 03 تشرين الثاني 2019 20:30:03

استقالت الحكومة بعد خمسة عشر يوماً من انتفاضة الشعب اللبناني على أهل الحكم.

استقالت غير مأسوف عليها، ولم يصدر نعيها لأنها بقدرة الدستور ستبقى تحكم تحت مسمى تصريف الأعمال الذي لم تعد تستطيع غيره، إلى أن يتم استيلاد حكومة أخرى من رحمها المتوفي سريريًا، والصالح للولادة كحاضن لجنين، أغلب الظن أنه مشوه ، وبحاجة لرعاية خاصة في رحم اصطناعي لكثرة علله.

استقالت ولكن رموزها النافرة ترفض الاعتراف بالسقوط، بالإصرار على السير عكس التاريخ والمنطق والعقل.

استقالت تحت ضغط الشعب الذي يهتف "كلن يعني كلن" مجازاً حتى لا يسمي العهد وأزلامه لكي لا يتهم من العهد وأزلامه بالفئوية، والمعني الأول بهذا الشعار، يحسب نفسه من جنس الملائكة غير المشمولين بعبارة "كلن".

كيف السبيل إلى إفهام من لا يفهم، واقناع من لا يقنع، وتعقيل من لا يعقل، وإفاقة من لا يفيق؟

استقالت، والنَّاس في الشارع، والرئيس سعد الحريري يتلقى الخنجر تلو الخنجر ممن تتطابق أحرف إسمه مع أحرف إسم إبليس، والبلد على شفير جهنم، وأهل الحكم يتعامون عن الحقيقة وكأنهم من كوكب آخر.

استقالت وأخذ الحريري بصدره مما لا يتحمل مسؤوليته عنه وحده، إلا رهانه الخاسر على عودة فاقد الرشد إلى رشده!

استقالت، ولا زال اجترار آليات التأليف مستمراً، ولكن مع تعديل يعبّد الطريق إلى جهنم التي صارت اقرب إلينا من سواد العين إلى بياضها.

في بدايات عام 1975 المشؤوم، كانت عبارة "باش بزق"، تترجم في قواميس لغة السياسة اللبنانية اختصارًا بأنها تعني رئيس الوزراء، وتحت هذا العنوان دمر البلد عن بكرة أبيه.

مئة ألف قتيل واحتلالات ووصاية ومئة مليار دولار دين، والعهد يريد إعادة عقارب الزمن إلى ما قبل 1975 ويحاول استيلاد عبارة باش بزق مجدداً، في وجه من لم تعد تنطلي عليهم حيلة سرقة المطالَب والشعارات لمحاربة أصحابها بها.
المنتفضون على الأرض حددوا مهلة لتأليف حكومة مستقلة فجاءهم الجواب:
ولماذا العجلة، فهي من إبليس، وابليس بيننا، وهو غير مستعجل، لا لإجراء استشارات جعلها الدستور الذي لا يعترف به ابليس، ملزمة، وابليس لا يقبل أن يلزمه أيا كان، حتى ولو كان الإله، وإلا فلماذا سمي إبليس.

جهابذة العهد اليوم يعيدون الكرّة، كما قبل العام 1975، ويزيدون عليها ابتداع مقولة التأليف قبل التكليف، يقولون، نحضّر التوليفة الحكومية، ومن ثم نبحث لها عن رأس عالقياس.

إني أرى أبليسا يحوم فوق رؤوس اللبنانيين، ولا بد هذه المرة من اسقاطه بالضربة القاضية، بالتحالف بين المنتفضين العلمانيين، والوطنيين، مع من يشبههم ممن ليس على صدورهم قمصان، لا ممن يرتدون القمصان أيا كان لونها.

إنه إبليس الطائفية الذي أكل ثورة الشعب في بداية الحرب الأهلية، ويستعد لافتراس كل المنتفضين على عفن حكم الطوائف والمذاهب، باستعمال نفس الأسلحة القديمة، فهل من مغيث لقتال إبليس، إلا عراة الصدور، في وجه الزاحفين إلى القصور.