Advertise here

فخامة الإنفصام!

01 تشرين الثاني 2019 13:26:00 - آخر تحديث: 03 تشرين الثاني 2019 11:37:42

إذا أردنا، في عجالة، تقييم "جردة حساب" رئيس الجمهورية لنصف ولايته الرئاسية بالأمس، فإننا نستطيع التوقف عند العناوين الأساسية التالية:

تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني (أي الطائف)، عبر الخرق شبه اليومي لها بالشكل والمضمون. وعلى سبيل المثال: الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية من القصر الجمهوري في بداية التظاهرات الشعبية، والاستقبالات التي يجريها في بعبدا، وكأنه قائمقام رئاسة الجمهورية.

إنجاز قانونٍ انتخابي يتنافي في جوهره مع مقررات اتفاق الطائف، والذي أدى إلى تعميق الإنقسام الطائفي والمذهبي والمناطقي بشكل كبير، والذي ترافق مع خطابٍ فتنويٍ خطير بهدف كسب الأصوات (ما نسينا خطاب نبش القبور).

مكافحة الفساد الذي يظهر جلياً في ضرب العهد لمؤسسات الدولة الرقابية (كإدارة المناقصات)، ورعايته للصفقات المشبوهة في ملف الكهرباء (على سبيل المثال لا الحصر)، إضافةً إلى البذخ في المؤتمرات، والرحلات، وموازنات الوزارات المحسوبة على فريقه السياسي.

تجاهله للوضع الاقتصادي المعيشي الصعب في البلاد، وذلك من خلال رعايته فرض الضرائب المباشرة على المواطنين، والتي تطالهم في يومياتهم، كذلك تجاهله لأكبر وأخطر أزمتين تتعلقان بيومياتهم، أي الكهرباء والنفايات.

سوء استخدام السلطات، ومنها الأمنية والقضائية، خدمةً لمشروعه السياسي – التوريثي. وعلى سبيل المثال أيضاً ممارسات جهاز أمن الدولة الذي أضحى أداةً رخيصة بيد الرئاسة كالبوليس السرّي الشهير.

التضييق على الحريات العامة، واعتقال الصحافيين والناشطين الذين يعبّرون عن آرائهم بحريةٍ كفلها الدستور.

توتير الأجواء الداخلية والشحن المذهبي، وافتعال الفتن الداخلية من خلال نصب "الكمائن" السياسية، وذلك بهدف تطويق وعزل المنافسين السياسيين للعهد، وحادثة قبرشمون الشهيرة خير دليل.

التناسي الكلّي في مقاربته لملف التعينات لضرب الآليات المتبعة، والتي تم نقاشها في مجلس الوزراء، من قِبل فريقه السياسي، وإصراره على تعيين الأزلام والمحاسيب، والتي كان آخرها في الوكالة الوطنية للإعلام.

في مقاربة الأزمة السياسية – الاقتصادية الحالية، وهي الأخطر في تاريخ لبنان الحديث، كان لافتاً تجاهل الرئيس لمطالب الشارع الأساسية والمباشِرة، كالانتخابات النيابية المبكرة، ومحاسبة المسؤول الأول عن الفساد والتعطيل، أي الوزير باسيل. أما عن الحكومة العتيدة (والتي يريدها الناس إنقاذية - حيادية - متخصصة)، فتحدّث عن تعيين "الوزراء والوزيرات وفق الكفاءة والخبرة، وليس وفق الولاءات السياسية، واسترضاء الزعامات". فهل لنا أن نذكّر بتوقيع وزراء فريقه على استقالاتٍ وُضعت في جيب الصهر؟

أما "الكذبة الكبرى" (لم أجد عبارة ألطف) فتجلّت عند حديثه عن المرحلة المقبلة، والتي اختصرها بعنوان يحلم به كل مواطن: "الدولة المدنية الحديثة التي تنتفي فيها الطائفية والمحاصصة". فكيف لعاقلٍ أن يُصدقك؟ وما نوع الإنفصام الذي تعانيه؟

وحسب رأي أحد الأصدقاء فإن، "الانجاز الوحيد لميشال عون بعد وصوله إلى منتصف ولايته الرئاسية هو وصوله إلى منتصف ولايته الرئاسية".

فخامة الرئيس، بكل محبة واحترام... ارحل!

* عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي