Advertise here

جنبلاط لن يسمح بتكرار هذا السيناريو... واتصالاته مفتوحة

25 تشرين الأول 2019 14:17:45

منذ انفجار الحراك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، لم يمرّ يوم إلا وغرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، رافضاً أي مسٍ بالمتظاهرين، داعياً إلى احترام حقهم بالتظاهر والتعبير عن رأيهم. وشدّد جنبلاط مراراً على وجوب حماية المتظاهرين من قِبل الجيش والأجهزة الأمنية، وحتى أنه ناشد السياسيين تقبّل الانتقادات وهو منهم، وتوجّه إلى حزب الله بأن عليه احترام المتظاهرين وتفهّم مطالبهم. 
مواقف جنبلاط العلنية لم تكن يتيمة. وكان يومياً على اتصالاتٍ مفتوحة مع مختلف القوى السياسية والأمنية والعسكرية لمنع استخدام العنف ضد المتظاهرين، لأن ذلك سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، وسيوصل الأمور إلى مكانٍ لا يمكن ضبطه. 

قام الجيش بعملٍ جبار، وخصوصاً أنه رفض التدخل لفضّ الاعتصامات والتظاهرات على الرغم من ممارسة ضغوطٍ كبيرة عليه. وبعد فشل استنساخ تجربة النظام السوري باستخدام الأمن والجيش، لجأت بعض المجموعات إلى تصفية الحسابات بالانتقام من المتظاهرين، وبالاعتداء عليهم وضربهم، ومحاولات احتلال ساحاتهم. وهذا السيناريو الذي حصل في النبطية، وفي رياض الصلح بالأمس، هو الذي كان يتخوف منه جنبلاط ويحذّر من الوصول إليه.

العنف سيؤدي إلى تفاقم المشكلة، وربما إلى معادلة شارع مقابل شارع، وهو ما سيوتّر الأجواء السياسية والأمنية في البلاد، وبشكلٍ لا يعود العهد، ولا الحكومة، على مقربةٍ من مطالب الناس، ولا في وارد الاهتمام بالصرخات الموجوعة. قراءة جنبلاط الباكرة لهذا السيناريو الذي قد يؤدي إلى انهيار وفراغ سياسي، هو الذي دفعه إلى التراجع عن الاستقالة من الحكومة، لأنه اعتبر أن الحل للمشكلة هو حل سياسي واقتصادي، ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال تعديل العمل الحكومي، وحتى تعديل الحكومة وممارستها الاستفزازية. وإن كان لا بد من تغييرها كلها، فيجب اقتناع معظم الأطراف، لأن أي انقسام سيُدخل البلاد في فراغٍ طويل، وسيؤدي إلى مشاكل أمنية، خصوصاً وأن بعض الأطراف تخوض معركة الحفاظ على الحكومة والعهد وكأنها معركة وجودية.

يعرف وليد جنبلاط أن تراجعه قد أخسره شعبياً ووطنياً، خصوصاً في ظل مواقفه المعتادة والمعارِضة بشراسة لممارسة العهد والحكومة. وهو شخصياً كان أكثر المتضررين من المؤامرات التي حيكت له، لكنه قرّر التعالي عن كل الصغائر. وصحيحٌ أنه ظهر متناقضاً في مواقفه بين تظاهرة منظمة الشباب التقدمي قبل انفجار الحراك بأسبوع، وبين موقفه حالياً، لكن الرجل اختار التعقّل، والحفاظ على البلد على حساب الحماسة؛ لأن أي خطأ في تقدير الحسابات، سيؤدي إلى انفجارٍ أمني في الشارع، لذلك يركّز عمله في السياسة لتعديل الحكومة، وسياسة العهد، وحماية المتظاهرين. ومنع حصول أي استغلالٍ لما يجري، ووضع البلاد أمام حمام دم. 

ما يريده وليد جنبلاط هو مصلحة الناس، وعدم تكرار أي سيناريو سوري، أو عراقي، في لبنان، والعمل بهدوء لتحسين الوضع والشروط.