Advertise here

عن المستور الذي سيكشف: إلى متى حراسة التسوية؟

25 تشرين الأول 2019 10:58:57

لليوم التاسع على التوالي تستمر انتفاضة الجيل الرقمي والفقراء وضحايا نظام المحاصصة الذي يبدو انه يلفظ آخر انفاسه. تبين ان الغائب الأكبر عن هذه الانتفاضة هي السلطة لاسيما في مراتبها العليا. وعوضاً عن التجاوب العملي مع مطالب الانتفاضة الشعبية يجري التفكير في دوائر السلطة وفي بعض الغرف، كيفية احتواء هذه الانتفاضة أو قمعها. والذي حصل قبل يومين في النبطية وفي الامس في ساحة الشهداء واليوم في جبيل من اعتداء على المتظاهرين وتخوينهم وتهديدهم  يؤكد حقيقة هذه النوايا. 

على اي حال،  فإن إحتواء الانتفاضة اصبح خلفنا إن من خلال ورقة الرئيس الحريري الفضفاضة التي اجمع معظم المحللين الاقتصاديين على انها لا تشكل حتى بداية لحل الازمة العميقة التي تمر بها البلاد، أو من خلال خطاب رئيس الجمهورية الذي جاء بعد ثمانية أيام على إندلاع هذه الانتفاضة. وأفضل وصف لتداعيات هذا الخطاب شكلًا ومضمونًا، هو لفتاة من أنصار التيار الوطني الحر التي ظهرت امس مع مرسيل غانم في برنامج صار الوقت، حيث أجهشت بالبكاء، وقالت: "ان العماد ميشال عون هو من جعلها تحب لبنان وتناضل من اجل سيادته واستقلاله، أما اليوم وبعد خطابه، انني اطلب منه ان يرحل". 

ويبدو ان الطروحات المتعلقة بتعديل الحكومة الحالية وترقيعها،  تصطدم بقوة بموقع "الصهر" في المعادلة، كما تصطدم في استمرار الرهانات على دوره في الساحة المسيحية والتي ما زالت قائمة من حزب الله  "حراس التسوية" باي ثمن. ومن يراقب اجواء الانتفاضة واصرار المشاركين فيها لاسيما جيل الشباب على مطالبهم وفي مقدمها استقالة الحكومة الحالية،  يرى انه من المستحيل لاي تعديل حكومي مهما بلغ مستواه أو حجمه ان يعيد الثقة الى الشارع الذي كفر بهذه السلطة وسياساتها وأساليبها وطرق عملها، كما كفر بالحكم وحاشيته التي لم يسبق ان وصل اليها اي عهد سابق بما فيه عهد بشارة الخوري . 

مستوى الأزمة التي يمر بها لبنان وعمق الشرخ القائم بين الانتفاضة الشعبية والسلطة تحتمان على الحزب التقدمي الاشتراكي ورغم الثمن الذي بدأ يدفعه من رصيده الشعبي لبقائه في الحكومة، ان يستمر في دوره الضاغط على اركان السلطة بالقبول في خريطة الطريق التي تبدأ باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة تكون مهمتها الأساسية إعداد خطة إنقاذ مالي ونقدي وإعداد رؤية اقتصادية جديدة تطوي معها مساؤى الاقتصاد الريعي وتداعياته، كما إعداد قانون انتخاب جديد والدعوة الى انتخابات نيابية جديدة تليها انتخابات رئاسية. وفي المقابل، لا يستطيع الحزب ومهما بلغت الحجج المنطقية لبقائه في الحكومة لمنع الانهيار ان يستمر بالتسليم بتآكل شعبيته، في حين ان الآخرين يستمرون بسياسة شراء الوقت والبحث عن احتواء واهي للازمة القائمة. 

ويبقى السؤال الأخير، هل سيقتنع حزب الله بأهمية خريطة الطريق هذه للتصدي للازمة القائمة، أم سيستمر في حراسة التسوية باي ثمن؟ الأيام القادمة من شأنها ان تكشف عن المستور.