Advertise here

حبذا لو سمعوا صرخة "التقدمي"... هذا ما توقعناه!

24 تشرين الأول 2019 15:03:00 - آخر تحديث: 04 أيلول 2020 11:43:44

يسأل اللبنانيون دوماً عن موقف الحزب التقدمي الاشتراكي مصوّبين أصابع الانظار في كل محطة مفصلية على موقف رئيسه وليد جنبلاط ومن يمثله في السلطة والبرلمان. 

ليس فقط لأنه صاحب كاريزما سياسة ورادار واسع الترددات، بل لأن حزبه العريق صاحب باع طويل من النضال الوطني العابر للطوائف.

 قد تصدم هذه المقدمة بعضا من اهل الحماس الفائض من الجيل الجديد المعتصم الذي يندد ببقاء الحزب في الحكومة. لكنه -على غفلة منه- يهاجمه بشعارات مؤسسه!

 "بعضهم" سيقرأ في هذا التحليل قمة التناقض، لأنهم لا يحفظون من عشرات الكتب التي ألفّها المعلم الشهيد كمال جنبلاط إلا عبارته الشهيرة "إن خيّرت بين حزبك وضميرك فاختر ضميرك"، لكنهم يغفلون عن قوله العميق: "رجل الدولة، يجب أن تكون له دائمًا عين على المبادئ يستلهم منها مواقفه وتصرّفاته، وعين أخرى على الواقع المحيط بتطبيقه". وهذا هو الخط الذي يتبعه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يتصرّف اليوم من موقع المسؤولية حيث يجب أن يكون، وحيث يستطيع أن يستعين بضغط الشارع ليمرر الاصلاحات ليقوّم مسلك السلطة العرجاء.

هل لاحظتم في خضم هذا البحر الهائج من الثوار الأحرار صدى نشيد المعلم "يعبرون الجسر خفافا... أضلعي امتدت لهم جسراً وطيد"؟ هل سمعتم حناجر المواطنين التي تردد شعاراته لكسر النظام الطائفي عبر اامطالب المعيشية المحقة؟ هذا صوت التقدمي حتما، وهو الذي يعلو فوق أصوات النشاز التي تصدح بشعارات جائرة القصد منها النيل من مسيرة الشرفاء وشملهم بزمرة الفاسدين!

تعالوا نسترجع اللحظات معاً، بودٍ وحلمٍ وعقلانية، واسمحوا لنا بسؤال: هل قرأتم الورقة الاقتصادية الإصلاحية التي قدّمها التقدمي على بنود الموازنة؟ هل تابعتم مواقف التقدمي عبر اللقاء الديمقراطي منذ مشاركته بأول جلسة نيابية؟

هل راقبتم التحذيرات المتتالية التي أطلقها عضوا اللقاء الديمقراطي هادي ابو الحسن وبلال عبدالله؟!

حسناً. فلنستعرض المواقف تباعاً عبر تغريدات نائبي التقدمي اللذين نشآ على نهج "المعلم" من الكشاف التقدمي مرورا بمنظمة الشباب وصولا للمواقع الحزبية، ثم سدة البرلمان حيث يلتزمان بأجندة عمل تتبى القضايا الاجتماعية في متابعتهما للقضايا السياسية ومواكبتهما لكل أزمة ميدانية في محيطهما. 

ولقد قرعا جرس الانذار مرارا محذران من انفجار الشارع في ظل الضائفة الاجتماعية المستفحلة التي يستشعرانها بمتابعتهما المستمرة لشؤون الناس.

فـ"أبو الحسن" الآتي من وجع الناس، رفض اعتلاء أكتافهم أثناء جولاته الانتخابية، لأن شعاره الدائم "جئنا لنخدم الناس ونحمل همومهم لا ليحملونا". ولقد حذّر منذ سنة في حديثه عبر تلفزيون المستقبل أن "الناس سيخرجون من محمياتهم الطائفية ولن يرحموا المسؤولين ما لم يستشعروا الاصلاحات قبل فوات الأوان". 

ولاقاه "عبدالله" سائلاً لجنة الرقابة على المصارف: "من يراقب رفع الفوائد دون أعلام المقترض، على القروض السكنية وغيرها في المصارف؟ مما جعل الكثير من العائلات المحدودة الدخل عاجزة عن الدفع في ظل الأزمة الخانقة. ...فليكن هذا السؤال بمثابة اخبار إلى من يعنيهم الامر وضمن نطاق صلاحياتهم.
 ‏آن الأوان للبت بموضوع الناجحين بوظيفة مراقب في الجمارك، هؤلاء جميعهم من داخل الملاك، وهم يشكلون حاجة ماسة للادارة للحد من التهرب الجمركي ،اقله على المعابر الشرعية. الكلام برسم من يعنيهم الامر، خاصة أصحاب شعارات محاربة الفساد الشعبوية." 

ولقد غرّد أبو الحسن محذرا في الأول من شهر أبريل الماضي صارخاً بصوت الناس "إستدراكاً للمخاطر المقبلة علينا، وفي مقدمها الأزمة المالية، وبعدما سمعنا بعض الهمس حول التفكير بالمسّ بجيوب الناس، وهذا أمر غير مقبول إطلاقاً، لأن الحل هو بتطبيق الورقة الإقتصادية التي توافقنا عليها. نريد  موقفاً واضحاً، وطننا كالمريض ينزف والطبيب متردد، إنها جريمة بحق الوطن." 
 بينما قال "عبدالله":‏ السلطة التي تسمع صراخ شعبها وانتقاداته، حتى ولو بتعابير قاسية، وتقمع هذه الاصوات، ولا تتلمس آلام الناس واوجاعها، وتهرب إلى الامام، هي سلطة عاجزة......." 

ولقد تابعا مع زملائهما في اللقاء الديمقراطي بمواكبة الورقة الاصلاحية الاقتصادية التي تُشكِّل خلاصة المقترحات الاصلاحاية التي قدمها "التقدمي" في ملاحظاته على بنود الموازنة.

فغرّد "نائب بعبدا" في 5 سبتمبر: "كي نخرج من الدوّامة وبعد كلام دوكان اليوم حول ربط سيدر بالإصلاحات، نريد أجوبة واضحة: أين الضوابط الإصلاحية في الكهرباء؟ أين مجلس الإدارة والهيئة الناظمة؟ وأين أصبح مشروع دير عمار؟ لا نريد سماع المبررات، مقياس الجديّة يكمن بالخطوات الجدية  وليس بالوعود، إقتربت لحظة الحقيقة ".

وأكمل في صرخاته التحذيرية من واقعية متابعته للآلية العقيمة في اداء السلطة. فكتب في 7 سبتمبر: "فلنتطلع جميعاً الى الآتي من الأيام والأشهر القادمة بأثقالها وتحدياتها. ولا نتوقف عند بعض المواقف والمحطات الظرفيّة. عين الإعصار تقترب منا لتلتهمنا ونحن ما زلنا نناقش جنس الملائكة". وطالب حينها بـ"مواقف على مستوى التحديات" قائلاً: "الأمر يحتاج الى الحكمة والشجاعة والإقدام، آمل التقاط الرسالة"!

فواكبه نائب الإقليم: "من المستحيل فصل الملف الاقتصادي عن الخيارات السياسية، في ظل نظام طائفي عفن يزرع الفساد والتفرقة في كل مؤسسات الدولة وأدائها.....سقطت كل التفاهمات والتسويات السطحية....فتشوا عن العهد القوي!!! 

والمؤسف أن أحداً من رجال السلطة المغرورين في تعاليهم عن وجع الناس لم يلتقط اشاراتهما حتى عندما نشر "أبو الحسن" صورة لكرة النار كاتباً في 30 سبتمبر: "إن ما حصل بالأمس وبغض النظر عن خلفياته فهو يشكل صرخةً ومؤشراً خطيراً سيتعاظم يوماً بعد يوم. تبقى العين على أحقيّة المطالب وألم الناس وعينٌ أخرى على أمن البلد وإستقراره، بين الفوضى القاتلة والموت البطيء لن يبقى الا البدء بالإصلاح الجذري، إحذروا فإن كرة النار تقترب بسرعة!". 

وفيما رفض "أبو الحسن" بشدة الاعتقالات التعسفية على الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في 3 أوكتوبر الماضي مغرّداً: "إن الممارسات التي يقوم بها بعض من في السلطة تذكّرنا بأنظمة القمع والإستبداد، فأعلموا بأن هواء الحرية  ليس ملككم بل ملك الناس، أما إحترام الحريات العامة فيكفله الدستور، فعلتكم كدفن الرأس بالرمال، الأجدى هو الإعتراف بالحقيقة والإصغاء لأنين الناس بدل خنق الأنفاس".
وتابع في اليوم التالي كاتباً على صورة بشعار الحرية "ضاق صدركم من قول الحقيقة فإقتبستم نمط أنظمة عفنة ولّى عليها الزمن. أنظروا وإعتبروا من ما جرى ويجري من حولكم علّكم تستدركون قبل فوات الأوان . الشعب يريد ...... منكم الكثير !!" 

ودافع عن المحتجزين جوراً بسبب رأيهم ضد العهد بسلسلة تغريدات كانت إحداها رسالة دعم لهم أطلقها في 8 من الشهر الجاري: "شجعان هم وخلف القضبان أحرارُ ، وانتم بأغلال الوصاية عبيدُ ، تصوبون على الكبار كي تكبروا  وما انتم سوى أقزام مناكيد .. صبراً صبراً لا بد للقيد ان ينكسر ولا بد للحق ان ينتصر "، غرّد عبدالله: " بنان يتنفس حرية، والسلطة التي يضيق صدرها من شعبها، وتغضب من سماع أهات شاباتها وشبابها، هي سلطة غير قابلة للحياة ‎#بدنا_نسمعكم_صوتنا" 


وكان "أبو الحسن" واضحاً بتحذيره الشديد اللهجة بتغريدة 8 أوكتوبر التي جاء فيها: "لا نرى سبيلاً لنجاة لبنان من السقوط إلا بالقرار الحاسم والإرادة الصادقة والخطوات الثابتة والإجراءات الجدية، بكل صراحة ووضوح نقولها لم نلمس شيئاً جدياً بعد وما الحماسة التي نراها إلا بفعل نصائح الخارج، إصلاح قطاع الكهرباء المتعثر هو الأساس يليه وقف التهريب والتهرّب، فلا تتهربوا!" 

وفي ذات السياق، وبتاريخ 13 اوكتوبر، غرّد: "كلما زاد تسلطكم زاد تمردّنا أكثر . وكلما زاد بطشكم أصبحت عزيمتنا أكبر. أمضوا بقمعكم وكيدكم وتسلطكم ونحن سنمضي بعزم ٍوثبات ٍ دفاعاً عن الحق والحرية ومصالح الناس، إنتبهوا ! لمعت أبواق الثورة. إحسبوها جيداً قبل فوات الأوان. وأرفق الوسم: #بدنا_نسمعكم_صوتنا ".

وتسلّح بموقف الناس في اليوم التالي برده على كلام وزيرة خارجية لبنان المستفزّ الذي هدد بقلب الطاولة، وجرف الجثث المنتظرة على ضفة النهر، معلنا قراره بالذهاب الى سوريا متفردا بموقفه عن الحكومة اللبنانية. فكتب: "ما همنا من خرير الجداول اذا ما تفجر غضب الشعب وفاض النهر الهادر فعندها لن يبقى طاولات ولا غيرها كي تقلبوها، اذهب لوحدك الى حيث تشاء ولا تنسى ان تجلب معك المعتقلين في سجون النظام والمطلوبين في تفجير المسجدين والمتهمين بقتل الوطنيين وقادة الرأي الحر في لبنان، رسمنا لك حد فالتزمه"! 

 هذا الحد الذي رسم "أبو الحسن" الذي يتحدث بضمير الشعب، كان بمثابة التحذير الأخير للسلطة الجائرة الجامحة والغائبة عن وجع الناس. لكن أحداً لم يستمع لنصائح نائبي "التقدمي" الذي يشنّ العهد عليه هجوماً محاولاً إقصاء دوره الفاعل في السلطة حتى الساعة!
وها نحن نشهد اليوم لحظات المواجهة التي استبقها "ابو الحسن" مطلقاً عليها تسمية "لحظة الحقيقة"!

عيون هذان النائبان هي عين "الرجل السياسي" التي كانت ولا تزال على المبدأ وعلى الواقع المحيط بتطبيقه، لكن السلطة استمرت في التعنت حتى وقع المحظور بالإنفجارٍ الشعبي الذي يقوده الناس الذين كفروا بممارسات هذا العهد، ولم يعودوا قادرين على احتماله!

بالأمس خرج الشعب صارخاً كفى بأعلى صوته هاتفاً: "ارحلوا.. الشعب يريد إسقاط النظام"!
وتبرز في التغريدات الأخيرة لأبو الحسن صرخته مدوية تحت عنوان "لمعت أبواق الثوة.. احسبوها جيدا قبل فوات الأوان"! 

 هذه التغريدة التي جاءت بمثابة صفارة إنذار!  استخف بها اهل السلطة مقللين من أهمية الناس، ليقعوا بالمحظور أمام غضب الشعب في لحظة المحاسبة!

وفيما رأى "عبدالله" أن "ثورة الشارع العابرة للطوائف والمذاهب شكلت أصدق تعبير عن عمق مأزق النظام الطائفي، وأهمية العبور إلى الدولة المدنية. والحل برئيس جمهورية جديد، وحكومة أكثرية مصغرة ومتخصصة. قائلاً: نحن سنعود الى المعارضة البناءة انسجاما مع خطنا العروبي الملتزم بالعدالة الاجتماعية وحماية الحريات والعمل المباشر"، رأى أبو الحسن أنها "لحظة الحقيقة" التي كنا ندركها وحذّرنا من مواجهتها مراراً. فلا سلطة تعلو سلطة الشعب . مضيفاً: لم نأتٍ من القصور، بل عشنا النضال بين الناس ومع الرفاق، ولا شك أننا نستشعر صرخات الألم التي صمّت عنها آذات السلطة في هذا العهد. لكن الشارع الذي صدم الجميع في حراكه لم يصدمنا. فهو يؤكد صوابية تصوّرات المعلم الشهيد كمال جنبلاط، وها هم يرددون شعاراته الرافضة للتقوقع الطائفي. إنهم "يعبرون الجسر خفافا.." لوطن عابر للطوائف كما أراده شهيدنا كمال جنبلاط.، ولعل الآتي أجمل بوطن يشبه شبابه، فيكون على قدر تطلعاتهم وأحلامهم... 

وختم: ها قد وصلوا لتحذيراتنا. "لقد لمعت أبواق الثورة".. فهل سيسمعون صوت الناس؟! أم تراهم سيستمرون بالعيش على كوكب آخر؟!