تزداد التباينات بين قوى الثامن من آذار ورئيس الجمهورية. ولم تعد هذه التباينات مقتصرة على الخلاف حول الحصص الحكومية وكيفية حلّ عقدة الثامن من آذار، لا بل إنها تتمدد بصمت، على صعيد العلاقة مع سوريا. أرسل النظام السوري رسائل متعددة إلى لبنان لا تخفي العتب حول عدم قيام الرئيس ميشال عون بزيارة سوريا منذ انتخابه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الوزير جبران باسيل. هذه الرسائل ترجمت بضغوط متعددة حكومياً، وحول القمة الاقتصادية التي ستعقد في بيروت بعد عشرة أيام.
برز الموقف المتشدد لمختلف مكونات قوى الثامن من آذار حول وجوب دعوة سوريا إلى القمة العربية. وكان أول من أطلق موقف "لا قمة اقتصادية بدون دعوة سوريا إليها" هو النائب عبد الرحيم مراد، وهذا يؤكد مدى الترابط بين ملف الحكومة وملف إعادة العلاقات مع سوريا أو إعادتها إلى الجامعة العربية. ولم يكن موقف الرئيس نبيه بري برفضه حضور أي اجتماع لا تدعى إليه سوريا، ووصوله إلى مستوى المطالبة بإرجاء القمة الاقتصادية في بيروت نظراً لعدم وجود حكومة، لهو دليل بارز أيضاً على الترابط بين هذه الملفات.
لكن بلا شك، إن موقف برّي المدوّي، يعتبره البعض موجهاً أو يستهدف رئيس الجمهورية وصلاحياته، خاصة أن بعبدا تعتبر القمة مسألة أساسية لإطلاق مسيرة العهد، وتأجيلها أو نقلها من بيروت، ستمثّل ضربة كبيرة لعهد الرئيس عون. وهذا ما لا يمكن لبعبدا أن ترتضيه، ولذلك كان هناك امتعاض صامت من هذا الموقف.
الرسالة السورية التي وصلت قبل فترة، حول التشدد الحكومي والإصرار على المشاركة في القمة الإقتصادية العربية، كان باسيل قد تلقفها وتلقف العتب السوري الذي تبلّغه، فبدأ مساعيه مع بعض الدول العربية لتشكيل لوبي ضاغط يهدف إلى إقرار رفع تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ليتمكن لبنان من توجيه الدعوة إليها لحضور القمّة.
لكن الأساس أصبح في مكان آخر، وفيما يتم التسليم بأن القمة ستعقد ولو لم تدعَ سوريا إليها، فبلا شك أن ذلك سينعكس على الوضع الحكومي، خاصة أن النظام السوري سيسعى إلى استعادة معنوياته السياسية في لبنان، من خلال الإصرار على العرقلة إلى حين فرض شروطه وتحقيقها حكومياً للتعويض عن عدم نجاح المساعي اللبنانية في توجيه الدعوة إليه لحضور القمة.