Advertise here

"التقدمي" يبقى راهناً في الحكومة بشروطه... ويبلور رؤيته للمرحلة المقبلة

21 تشرين الأول 2019 06:00:00 - آخر تحديث: 21 تشرين الأول 2019 19:25:10

يتعرض وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي، إلى انتقادات وحملات تخوين كثيرة بسبب إعلان العزم على تقديم الاستقالة بداية، ومن ثم التراجع عنها. قد يكون شعور الناس المحبطة والغاضبة والمتحمسة لتحقيق تغييرٍ سياسي، هو الذي يدفعها إلى التعبير عن امتعاضها من قرار جنبلاط غير الشعبي. ولكن الأكيد أن كلام التخوين لا ينطبق على زعيم التقدمي. هو في هذه الأوضاع الحساسة غير شعبوي على الإطلاق، لكنه يعرف متى يقدم ومتى يحجم. ولذلك كان أول من دق ناقوس الحريات، عبر مواقفه السياسية، ومن خلال التظاهرة السيادية والمعيشية التي شهدتها بيروت الأسبوع الفائت.

وهو أول من دعا إلى تغيير النهج المتبع وإعادة تجديد التسوية، أو صوغها على قواعد جديدة. ولكن ما حصل في الشارع مسألة خطرة. وليد جنبلاط كان صوت الناس المخنوقة، وعبّر عن توجساتهم، ولكن لعبة الشارع كانت خطرة جداً، خصوصاً وسط التخوف من أن تصبح المعادلة شارع مقابل شارع. تعاطى جنبلاط مع مطالب الناس بجدية، وقدم ورقة إصلاحية سيحاول القتال في سبيل إقرارها وتطبيقها عوضاً عن الذهاب إلى استعراضات شعبية ليس معروفاً الى أين ستصل. وحتى لو أدت التحركات إلى استقالة الحكومة، فماذا سيكون البديل؟ وهل سيكون بالإمكان تشكيل حكومة جديدة؟ ومن سيشكلها، وممن ستتألف؟ لبنان سيكون في فراغ كبير، وهذا سينعكس انهياراً على الوضع الاقتصادي والمالي بشكلٍ لا يحتمله لبنان والذي سيكون في مهب الفوضى.

هنا تتجلى عقلانية جنبلاط. وفوق كل الجراح والحسابات، وبعيداً من أن يكون أسير موقفٍ أطلقه ولا يريد التراجع عنه. لأن الرجل هو من يعرف كيف يتراجع عن موقف وليس الذي يتحول إلى أسيره. توقف الاستقرار في لبنان على موقف جنبلاط الذي التزم الوقوف إلى جانب الحريري، وعدم تركه في الساحة وحيداً أو استدراجه إلى استقالة غير محسوبة النتائج تضع البلاد في فوهة أزمة عميقة ومديدة.

يذهب وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي إلى الحكومة بورقتهم الاصلاحية. صوتهم سيسمع بعد أن عمل جبران باسيل على صمّ آذانه، وآذان الجميع، عن سماع صوت غيره، وفرض التقدمي شروطه السياسية حول وجوب تغيير الممارسات السياسية التي اعتمدها العهد. وهذا يعني أن الدخول في معركة سياسية جديدة من الداخل أفضل من الصراخ في الخارج بلا أي فعالية. وتبقى الأمور مرهونة بمدى التجاوب، وعلى هذا الأساس يُبنى على كل حدثٍ مقتضاه.

في السياسة الزخم الشعبي المقدر حقق الكثير. كسر صورة نمطية عن العهد الذي أثبت ضعفه وكاد ينهيه. الاستقالة تسلّم الأمور كلها للعهد لتجديد نفسه، بينما القتال في الداخل سيكون له وقعه، وتأثيره في إعادة التوازن السياسي، وفرض القواعد والشروط. وهذا ما سيفعله الحزب التقدمي الاشتراكي بعيداً عن أي صراع غير محسوب قد يؤدي إلى انقلاب النتائج المرجوة رأساً على عقب.