Advertise here

انفجر الشارع ووقع المحظور... أتذكرون تحذيرات جنبلاط؟

18 تشرين الأول 2019 08:27:00 - آخر تحديث: 18 تشرين الأول 2019 08:41:15

انفجر الشارع. وما كان متوقعاً منذ أشهر قد حصل. كل التحذيرات لم تنفع أهل السلطة وأربابها من أجل اتخاذ إجراءات جدية لتلافي أي انفجار اجتماعي، وسياسي، واقتصادي، قد ينعكس في الشارع، ويوصل الأمور إلى ما وصلت إليه. صرخات الناس في شوارع بيروت كانت كافية للتعبير عن ما وصل إليه الوضع ليل الخميس في العاصمة ومختلف المناطق.

إنها ثورة الواتساب. فعلَ فرضُ ضرائب على الواتساب ما لم يفعله فرض ضرائب على الخبز والمحروقات، ولا أزمة الدولار. طبعاً لا يمكن اختزال الانتفاضة التي شهدتها شوارع المناطق المختلفة، وصدحت فيها حناجر "المختنقين" بقضية ضرائب الواتساب، لكن المسألة مثّلت شرارة تفجير التحركات، وقد طالب المتظاهرون بإسقاط الحكومة وإسقاط العهد.

كان الحزب التقدمي الاشتراكي أول من أطلق الصرخة ضد ما يجري من كبتٍ وخنقٍ للمواطنين بحريّتهم وتعبيرهم، ولقمة عيشهم. وصحيحٌ أن الحزب قرّر التصويت إلى جانب خيار الرئيس سعد الحريري في بعض الإجراءات الضريبية في الموازنة، وهذا ما قد يعتبره البعض أنه تناقض. ولكن هناك أولويات في هذه الحالات. أولوية الموازنة العامة وإقرارها، والبحث عن مساعدات يمكن الحصول عليها لتحسين الوضع الاقتصادي، والحفاظ على قيمة الليرة، والحفاظ على الاستقرار، بالإضافة إلى دعم رئيس الحكومة، وعدم تركه وحيداً.

وطبعاً لم يكن قرار الحزب التقدمي الاشتراكي جزءاً من الترف، لأن لا مجال للترف هنا، خاصةً وأن الحزب كان قد تقدم بورقة إصلاحية. لكن بعض المتآمرين لم يأخذوا بأيٍ منها، وكان الحزب قد طرح فرض ضرائب تصاعدية، أو الاقتراب من الميسورين والأملاك البحرية، واتّخاذ إجراءات حقيقية وجدية تمثّل إصلاحاً جذرياً في الموازنة. فأصبح الحزب أمام خيارين إما المعارضة لأجل المعارضة، والدخول في اشتباكاتٍ سياسية مجانية، أو التعاطي بواقعية مع الأمر على قاعدة سلّم الأولويات.

وفي الوقت الذي كان يقف فيه الحزب التقدمي الاشتراكي حريصاً على رئيس الحكومة ووحدة حكومته، كان الشارع ينفجر، وتتجسد التحركات فيه في كل المناطق، وهو ما رفع صوت الناس أعلى من كل الأصوات، وأكثر ارتفاعاً من كل المزايدات التي تفلح بعض القوى في كيفية ممارساتها والاستثمار فيها.

لاقى وليد جنبلاط سريعاً صرخات الناس، ودعا إلى استقالة الحكومة، معتبراً أن الأمور تنذر بالأسوأ، وأن لبنان يتجه نحو نفق مظلم. لكنه أيضاً تمسّك بحرصه على الحريري، معتبراً أنه لن ينسحب من الحكومة بدونه كي لا يكون قد تركه وحيداً. لكن جنبلاط قرأ ما هو مخفي معتبراً أن الانفجار الشعبي، والمفهوم كل ما حصل فيه، لا ينفصل عن التعقيد السياسي الذي يصيب البلاد، والذي يرتبط بحسابات إقليمية ودولية، معتبراً أن هناك قوى لا تريد أن يكون هناك قوى معارضة داخل الحكومة، ما يعني أن هناك انقلاباً قد يتم التحضير له.

هذا المسار الانقلابي قد بدأ منذ الصراع على الصلاحيات، وضرب اتفاق الطائف، ومحاولة تطويع كل القوى السياسية، وصولاً إلى الحديث عن قلب الطاولات، وتطبيع العلاقات مع النظام السوري. وهذا ما كان جنبلاط قد حذّر منه أيضاً قبل يومين، حين قال إنه يقف إلى جانب الحريري في موضوع الموازنة، على الرغم من بعض الملاحظات على بعض القرارات، بما فيها قرار التطبيع مع النظام في سوريا، معتبراً أنه كفى لبنان "حرائق".