Advertise here

إليكم مقال فيسك في "الاندبندنت" الذي انتقده جنبلاط!

07 تشرين الأول 2019 12:05:00 - آخر تحديث: 07 تشرين الأول 2019 13:31:04

كتب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر "تويتر": "يا له من مقال معيب ومثير للاشمئزاز لروبرت فيسك، يستخف فيه بلبنان ويتمنى لو يعود إلى  قبضة سوريا وارهابها لأنه لم يتمكن من سحب بضعة دولارات من المصرف. لم أتصور يوماً أنه قد يصل إلى هذا المستوى من الانحطاط الفكري".

"الأنبــاء" تنشر الترجمة العربية لمقالة روبرت فيسك في "الإندبندنت" البريطانية الذي تحدّث فيه عن أنّه لم يستطع سحب مال بالدولار الأميركي من ماكينة الصراف الآلي (ATM) في بيروت.
 
وقال فيسك: "خلال الحرب الأهلية التي دارت بين 1975 و1990 وبعدها، كان يمكن الدفع بالدولار الأميركي مقابل أي شيء في لبنان مثل فواتير العشاء، الإيجار، الأسلحة خلال الحرب، المجموعات المسلّحة، السيارات، تذاكر الطيران والبقالة. وقد انخفضت قيمة الليرة اللبنانية إبّان الصراع لتعود وتستقر بعد ذلك عند 1500 ليرة مقابل الدولار بفضل تدخّل رئيس الوزراء الملياردير رفيق الحريري". ولفت فيسك إلى أنّ الجميع كانوا راضين، إذ باتَ بإمكانهم تبديل العملة أي الليرة اللبنانية المطبوعة بأشجار الأرز الملونة، والآثار الرومانية والتماثيل الفينيقية بالدولار الأميركي، مضيفًا: "كان وجه الجنرال غرانت يساوي 75 ألف ليرة" –علمًا أنّ غرانت هو الرئيس الثامن عشر للولايات المتحدة  وصورته مطبوعة على فئة الـ50 دولارًا- حتّى ذهبت إلى الصراف الآلي، يقول فيسك.
 
وتابع: "أدخلت بطاقتي المصرفية لسحب 400 دولار، فتلقيت تحذيرًا مصرفيًا بأنّه سيُحسم مني 5 دولارات إضافيّة، ثمّ وصلتني رسالة باللغة الإنكليزية وباللهجة الأميركية بأنّه تمّ إلغاء المعاملة. وبعدها حاولت سحب مئتَي دولار، فواجهت المشكلة ذاتها"، وأضاف فيسك: "قُمتُ بحسب 400 ألف ليرة، عليها صور لآثار بعلبك والمتحف وانتهت "المعاملة" الخاصة بي، وقلّل من شأن ما يسمّى بالمعاملة المصرفية في لبنان، معتبرًا أنّه يجب أن تدلّ على شراء أسهم أو أملاك وما شابه ذلك.

وإذ وجد الكاتب البريطاني أنّه لا توجد الكثير من الدولارات في النظام المصرفي اللبناني، اعتبر أن هذا هو المكان الذي تبدأ فيه قصة الاقتصاد اللبناني بالانحدار، مشيرًا إلى أنّ لبنان حصل على قروض كثيرة في مرحلة ما بعد الحرب، وغالبًا ما كانت تلك القروض تأتي إلى لبنان بمساعدة فرنسية، ما جعل 80% من الميزانية في خدمة الدين العام. واعتبر أنّه بسبب الفساد الذي استمرّ عقودًا في لبنان، جرى إنفاق مبالغ ضخمة على توفير الاحتياجات الأساسية للبنية الإقتصادية في لبنان، علمًا أنّ كل ذلك يمكن تحقيقه في الدول الأخرى من خلال الضرائب والضوابط المعقولة.

وقال فيسك: "إنه لغز بالنسبة لي، فمنذ وصولي إلى لبنان عام 1976، ينقطع التيار الكهربائي  بيروت لمدة ثلاث ساعات يوميًا، وبتُّ معتادًا على الأمر كسائر اللبنانيين"، مضيفًا: "ثلاث ساعات كاملة بدون مصعد أو ضوء للقراءة، بحال وجود حرب أو عدمها. كما أنّ الحكومة اللبنانية استقدمت باخرة خاصة بالكهرباء من تركيا، ومع ذلك لم يتغير شيء، وقد تناولت الغداء مع رجلَي أعمال لبنانيين ولم يتمكنا من التوضيح لي ما العلاقة بين  "المشكلات البنيوية" للاقتصاد اللبناني وانقطاع الكهرباء".

وتحدّث عن كتاب جديد لمروان إسكندر بعنوان "المصارف المركزية في الأوقات الصعبة: لبنان والولايات المتحدة"، وقال إنّ الكاتب طلبَ منه تقييم الكتاب في وقت أزمة الصرف في لبنان، مضيفًا نقلاً عن الكاتب: "لا يودع المهربون اللبنانيون أرباحهم في البنوك اللبنانية. مرحبا بكم في لبنان".

وبعد هذا السرد، يرى فيسك أنّ الليرة اللبنانية غير مستقرة، فقد لامست الـ1600 ليرة دولار للدولار والآن تزيد عن 1500، وفي الوقت نفسه أعلن مصرف لبنان أنّ الدولارات ستكون متاحة لشراء النفط والأدوية والقمح. وقال: "لطالما يُدهشني أنّ أنجح الناس تجاريًا في الشرق الأوسط  قادرون على تدمير اقتصادهم، علمًا أنّ اللبنانيين هم التجار الفينيقيون الأصليون، ونتذكر أيضًا "الموت بالماء" للكاتب توماس إليوت الذي يدعو فيه القراء إلى التفكير بـ"فليباس الفينيقي".

وذكر فيسك أنّه صحافي يؤمن بنظرية المؤامرة، ولهذا تبقى لديه أفكار أخرى، وقال: "لا تزال الولايات المتحدة تحاول تدمير نظام الأسد في سوريا، إضافةً إلى إيران وحزب الله"، متسائلاً: " هل هذا ما يرتكز عليه الوضع الاقتصادي المخيف؟ هل يمر الوقود عبر لبنان إلى سوريا وعبر ناقلة نفط إيرانية إلى بانياس؟"، وقال: "نعلم جميعًا أن العملات تتحرك بين دمشق وبيروت علمًا أنّ الكثير من السوريين من أصل لبناني والعكس أيضًا".

وختم فيسك مقاله قائلاً: "ما يجري ليس نتيجة خدعة أميركية فحسب، بل الوضع الحالي هو نتيجة مباشرة لنظام الانتداب الاستعماري بعد الحرب العالمية الأولى والذي فصل لبنان عن سوريا، فهل يؤدّي التاريخ مرة أخرى إلى حدوث أزمة في الشرق ثمّ يقول الصوت الذي يصدره  الصراف الآلي باللغة الإنكليزية وباللهجة الأميركية: "تم إلغاء معاملتك؟".