Advertise here

إشاعات وحملات إعلامية... لمصلحة مَن الأخبار عن استقالة الحكومة؟

01 تشرين الأول 2019 11:06:43

يتعرّض رئيس الحكومة سعد الحريري إلى هجماتٍ سياسية من مختلف الجهات. ولا يجد الرجل وقتاً للتنفس، فما إن يُخرج نفسه من أزمة أو محنة، حتى تكون له أخرى بالمرصاد. صحيحٌ أنه ثمة ملاحظات عديدة على أداء الحكومة مجتمعةً، ولدى بعض الأفرقاء إنتقادات حادة على تصرفات الحريري بشكلٍ خاص، والتي انعكست في خلافات سياسية بينه وبين مختلف الأفرقاء، وفي أكثر من محطة ومرحلة. ولكن أيضاً الرجل موجودٌ في فوهة المدفع. كل السهام توجّه نحوه، في السياسة، والاقتصاد، والوضع المتراجع على الصعد الاجتماعية والإدارية، وصولاً إلى حملاتٍ إعلامية تطاله.

ولهذه الهجومات التي يتعرض لها رئيس الحكومة غايات سياسية متعددة، مبنية على جملة تناقضات. فمثلاً، هناك من يحمّله مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي وقد دخل معه في شراكةٍ متينة منذ سنوات، وعلى أساس هذه الشراكة عُقدت الاتفاقات السياسية وغير السياسية، والتي يسير البلد بموجبها. استعرت الحملات أواخر الأسبوع بتحميل الحريري ووالده الشهيد، رفيق الحريري سوء الوضع الاقتصادي في البلاد، بينما من يتهم آل الحريري بذلك موجودٌ في السلطة منذ 12 سنة، أي أكثر من المدة التي حكم فيها رفيق الحريري. وهؤلاء أنفسهم هم الذين أصدروا الإبراء المستحيل في لحظة توتر سياسي، ولتحقيق غايات وأهدافٍ سياسية، وعادوا وسحبوه من المكتبات عند تحقّق مصالحهم. وهكذا تتحول شعاراتهم و"نضالاتهم" إلى أدوات يتم اللجوء إليها غب الطلب. وهم أنفسهم أيضاً أرادوا بناء شراكة وحيدة مع الحريري، مقابل إلغاء كل القوى الأخرى. وعندما أيقنوا صعوبة ذلك، لجأوا إلى الضغط على الحريري لإبعاده عن حلفائه، وعن غيرهم من المكوّنات، وهم أنفسهم الذين يريدون الذهاب إلى المركز الرئيسي لتيار المستقبل لأجل تعزيز حضورهم في الساحة السنّية بعد سنوات من الاستفزاز.

يُحمّل الحريري ما لا طاقة، أو قدرة، له على تحمّله. فهو الذي وجد نفسه عرضةً لاستهداف صلاحياته، والاستعاضة عن مجلس الوزراء بلقاءاتٍ واجتماعاتٍ تُعقد في قصر بعبدا للبحث في كل الأزمات. وعندما تستفحل هذه الأزمات يتم اتهام الحريري بها، وبأنه لا يجيد معالجتها، بينما هي في الحقيقة تحتاج إلى تكافلٍ وطني، لا إلى تصفية حسابات سياسية محلياً وخارجياً، أي كما حصل مؤخراً من هجومٍ على الحريري في بعض اللقاءات الدولية.

وليس بعيداً عن ذلك، يتمّ تسريب أخبار متعمّدة حول وجوب استقالة الحكومة. تُمرّر هذه الأخبار تارةً عبر "أصدقاء" للحريري ينصحونه بالإقدام على هذه الخطوة، وتارةً عبر التلويح بأن رئيس الجمهورية غير راضٍ عن ما يجري. وقد يصل الرجل إلى مرحلة يتخذ فيها قراراتٍ قاسية، كإقالة الحكومة بالإستناد إلى الثلث المعطل زائد واحد. هذه كلها رسائل يُراد منها استهداف الحريري، وابتزازه في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، وتصاعد العقوبات الأميركية، وأزمة الاقتصاد والدولار، وطموحات بعض القوى السياسية في إقالة حاكم مصرف لبنان، وتعيين بديلٍ منه يكون طيعاً، بالإضافة إلى الإستحواذ على مواقع أخرى في الدولة. وقد وصل الاستهداف إلى حدّ النيل من الرجل بالأمور الشخصية، وهو ما يوضح وجهة المسار والضغوط التي ستستمر، والتي لا بدّ من مواجهتها بالتكافل، والتضامن، والتكاتف، بين مختلف القوى السياسية للخروج من الأزمة بدلاً من لعبة تسجيل النقاط.