Advertise here

الاستراتيجية الدفاعية/ بقلم غازي العريضي

01 تشرين الأول 2019 08:54:53

في حديث الى صحيفة " L'Orient le jour  "اللبنانية، قال رئيس الجمهورية أثناء وجوده في نيويورك وردّه على سؤال حول ما إذا كان إقرار الاستراتيجية الدفاعية يطمئن المجتمع الدولي: "لا. لأنه لا يطمئن اللبنانيين. على أية عوامل يمكن أن أبني دراستي حول الاستراتيجية الدفاعية. ضد الروس الموجودين في سوريا؟؟ أو ضد سوريا؟؟ ضد من؟؟ لا يبقى إلا اسرائيل. ولكن هل العالم الغربي يقبل أن تكون لدينا استراتجية دفاعية ضد اسرائيل؟؟".

أقل ما يقال أنه جواب في غير محلّه!! وبغض النظر عن المبادرة الى طرح الموضوع أو عدم طرحه في هذه المرحلة، ولأي سبب من الأسباب، علماً أن الرئيس كان قد وعد قبل نهاية العام الماضي بالدعوة الى حوار حوله مع بداية العام الحالي، ثم غيّر رأيه قائلاً بأن "الظروف قد تغيّرت"!! فإن الكلام الأخير غير موفق ولا يساعد لبنان ولا يطمئن اللبنانيين. لأن ليس فيه شيئ من المنطق. بل أكثر من ذلك فيه تناقض مع كل السياسة المعتمدة حتى الآن. نحن لدينا عدوّ واحد هو اسرائيل. والاستراتيجية الدفاعية التي تمّ التوافق على إقرارها ذات يوم على طاولة الحوار وبالإجماع في المجلس النيابي عام 2006 وكان العماد عون من المؤيدين ولكن لم يكن رئيساً، هي الخطة التي ينبغي اعتمادها للدفاع عن لبنان في وجه اسرائيل!! فماذا تغيّر؟؟ وعندما اتفقنا على ذلك هل كنا نقف عند رأي الغرب؟؟ هل كان الغرب موافقاً يومها وغيّر رأيه اليوم؟؟ هل إذا أعددنا استراتيجية دفاعية ضد اســـرائيل سنقف على خاطر الغرب؟؟ وإذا كان عدم الإقدام على إعدادها لأن الغرب لن يقبلها ضد اسرائيل، وإذا كان مهماً ولنا مصلحة في الوقوف على خاطره وبالتحديد أميركا، فلماذا هذه التصريحات والمواقف السياسية البطولية الإعلامية المتكررة يومياً في حقنا في الدفاع عن أرضنا ومياهنا وسيادتنا ؟؟ هل نفعل ذلك لأن هذا يطمئن الغرب؟؟علينا أن نقرّر: نريد أن نطمئن اللبنانيين أم الغرب؟؟ إذا كنا نريد طمأنة أهل بلدنا فلا نقيم اعتباراً إلا لهم ولا نتوقف عند الغرب عموماً وأميركا خصوصاً التي تحمي اسرائيل، وتقدم لها الدعم لممارسة كل أشكال الإرهاب وتمنع انتقادها أو إدانتها في مجلس الأمن ولا تريد تقديم السلاح النوعي للجيش اللبناني، وهذا ليس جديداً، وغير مقبول، وتعتبر المقاومة إرهاباً فيما تعتبر إرهاب اسرائيل التي لا تلتزم بالقرار 1701 دفاعاً عن النفس، وتؤكد أن لها الحق في القيام بأي عمل لحماية أمنها واستقرارها!! أما إذا كنا نريد أن نطمئن الغرب وأميركا تحديداً لأسباب مصلحية وسياسية ضيقة، فعلى الأقل، يجب أن تتوقف خطابات تخوين اللبنانيين، والمزايدة!!

مرة جديدة: الجواب لم يكن موفقاً. ليس في محله. لا يقنع ولا يطمئن أياً تكن النوايا والخلفيات. مع التأكيد أن ليس ثمة وهم لدى أي عاقل بأن الاستراتيجية الدفاعية ستقرّ بين ليلة وضحاها. الحوار حولها يكسر الجليد. يطمئن نسبياً. يقرّب المسافة بين اللبنانيين. يخفف الاحتقان والسجال. يكون الحوار حول الطاولة. لكن ما يحكى عنه لجهة قرار الحرب والسلم والدولة، ولألف اعتبار واعتبار رحلة الوصول اليه ستكون طويلة. لبنان في قلب العاصفة. ولعبة المحاور والاصطفافات خطيرة جداً. قبلنا ذلك أم لم نقبل لأننا أمام رسم خريطة جديدة لكل المنطقة والمرحلة تتطلب حسابات دقيقة مبنية على الوقائع والحقائق والمعطيات، ورجالاً كباراً يمتلكونها، ولا يكونون أسرى الحسابات الضيقة وسياسة النكايات والتمنيات، ولا يملكون القدرة على التحليل المنطقي وإقناع الناس بقضيتهم كما هي حالنا اليوم!!

خففوا عنكم وعنّا. عالجوا مشكلة البنزين البسيطة، إذا تمكنتـــم، وليكن "أبو زيد خالكم"!! إنكم بحاجة الى استراتجية دفاعية عن مواقفكم في الكهرباء والاتصالات والنفايات، والتحقيقات في "المجارير" وغيرها من الأمور!! ومهما استنجدتم بـ  "عباقرة" آخر الزمان فلن تنجحوا في تقديم أي مبرر منطقي ومقنع!!