Advertise here

لن أشنق رجلاً قال لي: لا

26 أيلول 2019 16:39:00 - آخر تحديث: 26 أيلول 2019 19:17:00

من يصدق أنه منذ آلاف السنين أن قدماء المصريين سبقوا الأمم المتحدة في إعلان حقوق الإنسان... أعلنوها في كتاب الموتى على لسان الروح وهي تقول للإله أوزيريس: لم أظلم الفقراء. لم أستبدّ بالعمال. لم أحرم الأطفال من الحليب. لم أحرم الجوعى من الطعام. لم أَغشّ في الموازين . لم أَضطهد خصومي. لم أُحابِ أصدقائي. بعد ألوف السنين نحتاج في البلاد العربية إلى ميثاق يقول: لم أعذب مسجوناً. لن أضرب خصماً بالكرباج. لن أعتقل كاتباً عارضني. لن أشنق رجلاً قال لي: لا.

لن أهاجم أخوتي. لن أُلفق التّهم الكاذبة ضد أصدقائي السابقين. من يصدّق أنه وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا تنام في ظلمات الجهل لمئات الأعوام، كان عرب الأندلس يقدمون للعالم تجربة أدبية علمية ثقافية إبداعية... وكانت العائلات الأوروبية تتجاهى عندما ترسل أبناءها وبناتها إلى جامعات الأندلس... وبغباء كامل إنهارت تلك الإمبراطورية وسقطت على ضفاف مدينة يوردو الفرنسية، عندما انهار العرب بنفس الأمراض الحالية التي دمّرت دولاً بأكملها... من يصدق أن التاريخ يعيد نفسه، نفس الأمراض فتكت بكل العالم العربي، التناقض الجزائري المغربي، ليبيا المقسّمة تفتك في كل جنباتها فرق التتار والإسلام المتزمّت، وبترولها بيد الشياطين الجدد والمستعمرين الجدد، السودان أصبح جنوباً وشمالاً هذا الخزان الغذائي لكل العالم العربي قزموه إلى أبعد الحدود، العراق الجريح الذي كان في كل يوم من الأيام يجسد البعبع الأساسي للعدو الإسرائيلي، أصبح اليوم أشلاء تحت حجة واهية أسلحة الدمار الشامل كذبة العصر الحديث لتدمير الشعوب، سوريا والعصر الإيراني الروسي الأميركي يمسك بكل تفاصيل اللعبة بعد سقوط مئات ألوف الضحايا من شعبنا السوري الحبيب، وتوزعوا أشلاءاً في كل أنحاء الدنيا وصولاً إلى فلسطين أصبحت فلسطينَيْن، وفقدت الثورة وهجها وعظمتها وشعبنا الفلسطيني الصامد يدفع الثمن بشكل يومي، وها هي الجولان تصبح جزءاً من أراضي العدو الغاصب، وصولاً إلى وطننا لبنان والحديث يطول ولن استطرد ولكن يكفي قول التلفزيزن الفرنسي عن النفايات: بيروت بعد أن كانت درة البحر الأبيض المتوسط أصبحت مزبلة البحر الأبيض المتوسط... ولن أزيد لأنه ملف يطال كل ما يتنفس به اللبناني صحياً، اجتماعياً، بيئياً، سياسياً، سهولة حياة بكرامة وعنفوان...

هل يجيئ يوم نضع فيه ميثاقاً لحقوق الإنسان العربي، يضمن لكل إنسان عربي حقه في الحرية، وحقه في الديمقراطية وحقه في العدالة، هل يمكن أن ينص هذا الميثاق مثلاً على منع المعتقلات والمحاكم الاستثنائية ويلزم الحكام باحترام القانون، فإذا خالف أي حاكم القانون وظلم أي إنسان عربي إلتجأ إلى المحكمة الدستورية العليا يطلب الحق والإنصاف... والحديث يطول... لعلّ وعسى .