Advertise here

عن مشهد مجلس النواب... "بالبرغل في طائفية"!

26 أيلول 2019 08:14:00 - آخر تحديث: 26 أيلول 2019 09:19:34

لا يترك اللبنانيون فرصةً إلّا ويثبتون فيها مدى سوء أحوالهم وانتمائهم الوطني. وعلى ما يقول زياد الرحباني في إحدى مسرحياته، "بالبرغل في طائفية".

ينهمك بعض السياسيين اللبنانيين في إعطاء الطرقات، أو الزفت، أو برك المياه صبغةً طائفية. حتى الهواء يريدون مذهبته لحساباتٍ مصلحية ضيّقة تتنامى على تعزيز الخطاب الانقسامي، والذي يؤدي إلى كسب الشعبية.

هذا ما جرى وتجلّى في الجلسة التشريعية من خلافاتٍ حصلت أراد البعض أن يضفي عليها طابعاً طائفياً وسياسياً، غير آبهٍ بحقيقة الأزمة التي تعيشها البلاد في ظل عدم استقرار سعر الليرة، وفقدان الدولار من السوق، والحديث عن احتمال حصول انهيارٍ اقتصادي.

اللّا – مسؤولية تدفع بعض الأفرقاء للاستثمار بالمصائب حتى.

وما جرى أن هناك قوانين لاستكمال مشاريع طرقات في بعض المناطق في المتن وجبيل، ولا تتوفر الأموال لتمويل هذه المشاريع. فطلب الرئيس سعد الحريري تأجيلها. وعندما أُقرّ مشروعٌ في الضنّية، اعترض نواب التيار الوطني الحرّ، ومعهم الكتل المسيحية الأخرى، بينما مشروع الضنّية هو عبارة عن قرض، أي تمويله ليس من داخل الموازنة. وبدأ التيار الوطني الحرّ بتصوير الأمر على أنه خلافٌ طائفي ومذهبي.

والخلاف الذي حصل في الجلسة توسّع فيما بعدها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتخلّلته حملاتٌ طائفية على الحريري. بينما الرجل اعترض على هذه المشاريع انسجاماً مع الشروط الفرنسية لتخفيض الإنفاق لإطلاق مؤتمر سيدر. وهذا كلامٌ فرنسي كان الرجل قد سمعه بوضوح خلال لقائه ماكرون. وما جعل الحريري يعود إلى القاعة العامة، ويتم إقرار القانون، هو تداعيات اللقاء بين ماكرون والوفد اللبناني في نيويورك. إذ كان الرئيس الفرنسي واضحاً تمام الوضوح في انتقاداته للإدارة اللبنانية. ملاحظات ماكرون هي التي عزّزت موقف الحريري من هذه "التفاصيل"، ودفعت التيار الوطني الحر إلى الرضوخ في مجلس النواب، بينما استمرّت الحملات السياسية.

تطييف الأزمات، وعدم التعاطي معها بجدية وانطلاقاً من مبدأ المواطنة، وليس الانتماء الطائفي أو المذهبي، قد يؤدي بالبلاد إلى أزمة سحيقة لن تكون قادرةً على الخروج منها، خاصةً في ظل تنامي النزعة الطائفية في مقاربة قانون الانتخاب، وهو ما سيعيد البلاد إلى الانقسام بدلاً من الالتقاء على إيجاد الحلول الاقتصادية الناجعة.

وليس بعيداً من هذه الأزمات، وما يرتبط بها من أسواقٍ سوداء تتحكّم بأعناق العباد وأرزاقهم، من المعابر غير الشرعية، هو تهريب الدولار إلى خارج الحدود، مقابل بيعه بسعرٍ أعلى في سوريا، أو مقابل الحصول على مواد مهرّبة. وتأتي هذه الشراهة في وقتٍ تئنّ فيه الخزينة من فقدان الدولار، وهو ما قد يهدّد قطاعات أساسية قد تؤدي إلى انفجارٍ اجتماعي.