ثقافة الفساد في لبنان اقوى من اي اصلاح، والتلاعب على القوانين والقرارات شطارة ما بعدها شطارة. والمطالبة الدولية بإجراء اصلاحات في بنية الدولة الاقتصادية واجتثاث الفساد لا تلقى اي آذان صاغية عند البعض.
ورغم ان الكهرباء المصدر الاساسي لعجز الخزينة الا ان سياسة الهدر فيها لا زالت على غاربها دون اي وازع يضع حدا لمزاريب الهدر فيها، واحدها البواخر التي يبدو انها تدر على البعض الملايين.
كانت حجة البعض لاستقدام البواخر زيادة التغذية في صيف لبنان السياحي، فإذ بالعتمة تزداد. واليوم وبدل التفكير الجدي بتخفيض فاتورة الكهرباء عبر اصلاحات بنيوية في القطاع توقف الهدر المتمادي، ها هو دخان صفقات البواخر ينبعث مجددا من دواخين بعض ادارات الدولة ليغطي على مكامن الهدر والفساد الاخرى والكثيرة.
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أثار عبر تويتر ما يحكى عن زيادة السفن الكهربائية الى اربع، وانشاء ثلاثة معامل تسييل غاز بدل واحد، وهو الذي كان اول من عارض قبل سنوات مسألة البواخر واكد انها لن تحل المشكلة بل ستكبد خزينة الدولة ما لا قدرة لها عليه، فيما كان المتحمسون لها يعدون بحلول سحرية للازمة خلال فترة قصيرة.
اليوم، ومع السباق بين تحقيق الاصلاح المنشود وبين البدء بترجمة مقررات مؤتمر "سيدر" يبقى ملف الكهرباء عرضة لشهوة البعض في الغَرف من "خيراته" فيما البلد يزداد غرقا في العتمة وفي ظلام عقول اشد سوادا من الظلمة، والنتيجة خزينة الدولة تذوب بـ "صعقات كهربائية" الواحدة تلو الاخرى، والبلد مكهرب بالتوتر العالي، وشعبه على ضوء الشموع يصلي لأمل ما زال بعيد المنال.
